فصل: باب الراء مع الميم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النهاية في غريب الحديث **


 باب الراء مع الفاء

‏{‏رفأ‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <نهى أن يقال للمتزوّج: بالرِّفاء والبَنِين> الرِّفاء‏:‏ الإلْتِئَام والاتِّفاقُ والبَركة والنَّمَاء، وهو من قولهم رَفَأْتُ الثَّوب رَفْأً ورَفَوْتُه رَفْواً‏.‏ وإنما نهى عنه كَراهية؛ لأنه كان من عادَتهم، ولهذا سُنَّ فيه غيره‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <كان إذا رَفَّأ الإنسانَ قال: بارَك اللّه لك وعليك، وجمع بينكُما على خير> ويُهْمز الفِعل ولا يُهْمز‏.‏

ومنه حديث أم زرع <كنت لك كأبي زَرْع لأمّ زَرْع في الألْفَة والرِّفاء> ‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <قال لقُرَيش: جئتُكم بالذَّبْح، فأخَذَتْهُم كلمتُه، حتى إنّ أشَدَّهم فيه وَضَاءة ليَرْفَؤه بأحْسَن ما يَجد من القول> أي يُسَكِّنُه ويرفُقُ به ويدعو له‏.‏

ومنه حديث شريح <قال له رجل: قد تزَوجتُ هذه المرأة، قال: بالرّفاء والبَنِين> ‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث تميم الداري <إنهم رَكبوا البحْر ثم أرفَأُوا إلى جزِيرة> أَرْفَأْتُ السَّفينةَ إذا قرَّبتها من الشَّط‏.‏ والموضعُ الذي تُشَدّ فيه‏:‏ المَرْفأ، وبعضهم يقول‏:‏ أرْفَينا بالياء، والأصلُ الهمز‏.‏

ومنه حديث موسى عليه السلام <حتى أرْفَأ به عند فُرْضَة الماء> ‏.‏

وحديث أبي هريرة في القيامة <فتكون الأرضُ كالسَّفِينة المُرْفَأة في البَحْر تَضْرِبها الأمْواجُ>‏.‏

‏{‏رفت‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث ابن الزبير <لمَّا أراد هَدْمَ الكَعبة وبَناءَها بالْوَرس قيل له إن الوَرْس يَرْفَتُّ> أي يَتَفَّتُت ويصيرُ رُفَاتاً‏.‏ يقال‏:‏ رَفَتُّ الشيء فارْفَتَّ، وترَفَّتَ‏:‏ أي تكسَّر‏.‏ والرُّفات كل ما دُقّ وكُسر‏.‏

‏{‏رفث‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث ابن عباس <أنشد وهو مُحْرم:

وهُنَّ يَمْشِينَ بِنَا هَمِيسَا ** إن تَصْدُقِ الطَّيرَ نَنِك لَمِيسَا

(هذا البيت ساقط من الهروي) فقيل له: أتقول الرَّفَث وأنت مُحْرم؟ فقال: إنما الرفث ما رُوجع به النِّساءُ> كأنه يرى الرفث الذي نَهَى اللّهُ عنه ما خُوِطَبت به المرأة، فأمَّا ما يَقُوله ولم تَسْمعُه امرأة فغيرُ داخِل فيه‏.‏ وقال الأزهري‏:‏ الرفث كلمة جامعةٌ لكل ما يُرِيدهُ الرجلُ من المرأة‏.‏

‏{‏رفح‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <كان إذا رفَّحَ إنساناً قال: بارَك اللّهُ عليك> أراد رَفَّأ‏:‏ أي دَعَا له بالرِّفاءِ، فأبدل الهمزة حَاء‏.‏ وبعضُهم يقول رَقَّح بالقاف‏.‏ والتَّرقيح‏:‏ إصلاحُ المعيشة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث عمر <لما تزوّج أمّ كُلْثوم بِنت عليٍّ قال: رَفِّحُوني> أي قولوا لي ما يقال للمتزوّج‏.‏

‏{‏رفد‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ وفي حديث الزكاة <أعطَى زكاةَ ماله طيِّبةُ بها نفْسُه رافِدةً عليه> الرَّافِدَة فاعِلَة، من الرِّفْد وهو الإعانَة‏.‏ يقال رفَدته أرفِدُهُ؛ إذا أعَنْتَه‏:‏ أي تُعِينُه نفْسُه على أدائها‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث عُبادة <ألا تَرون أني لا أقُوم إلَّا رِفْدا> أي إلا أن أُعان على القيامِ‏.‏ ويُروى بفتح الراء وهو المَصْدَر‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه ذكر <الرِّفادة> وهو شيء كانت قُرَيش تَتَرافدُ به في الجاهلية‏:‏ أي تَتَعَاون، فيُخْرج كُل إنسانٍ بقَدْر طاقَتِه، فيجْمَعُون مالاً عظيما، فيشترُون به الطَّعام والزَّبيب للنبِّيذ، ويُطْعمُون الناس ويَسْقُونهم أيامَ موسِم الحج حتى يَنْقَضِيَ‏.‏

ومنه حديث ابن عباس <والذين عاقَدَت أيمانُكم من النَّصر والرِّفادة> أي الإعَانِة‏.‏

ومنه حديث وفد مَذْحِج <حيٌّ حُشَّدٌ رُفَّد> جمع حاشد ورَافد‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث أشراط الساعة <وأن يكونَ الفيءُ رِفْدا> أي صِلَة وعَطِية‏.‏ يريدُ أن الخَراج والفَيْءَ الذي يَحْصُل وهو لجَمَاعِة المسْلمين يَصِير صِلاتٍ وعَطَايا، ويُخَص به قومٌ دون قوم، فلا يوضَعُ مواضعه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <نعم المِنْحةُ اللِّقْحُة؛ تغْدُو برَفْدٍ وترُوح برَفْد> الرِّفْد والمِرْفَد‏:‏ قَدح تُحْلبُ فيه النَّاقة‏.‏

ومنه حديث حفر زمزم‏:‏

ألم نَسْقِ الحَجيج ونَنْ * حر المِذْلَاقَةَ الرُّفْدا

الرُّفْد بالضم، جمعُ رَفُود، وهي التي تَملأُ الرَّفْد في حَلْبة واحدة‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <أنه قال للحبَشة: دُونَكم يا بَني أرْفِدة> هو لقَبٌ لهم‏.‏ وقيل هو اسمُ أبيهم الأقْدم يُعْرُفون به‏.‏ وفاؤه مكْسُورة، وقد تُفْتح‏.‏

‏{‏رفرف‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث وفاته صلى اللّه عليه وسلم <فَرُفعَ الرَّفْرَفُ فرَأينا وجْهَه كأنه ورَقَة> الرَّفرف‏:‏ البِسَاط ‏(‏جاء في الهروي والدر النثير‏:‏ قال ابن الأعرابي‏:‏ الرفرف ها هنا الفسطاط‏.‏ والرفرف في حديث المعراج‏:‏ البساط والرفرف‏:‏ الرف يجعل عليه طرائف البيت‏)‏ ، أو السِّتْر، أراد شيئاً كان يَحْجُبُ بيَنهم وبينه، وكُلُّ ما فضَل من شيء فَثُنِي وعُطِف فهو رَفْرفٌ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث ابن مسعود <في قوله تعالى <لقد رَأى من آياتِ ربّه الكُبْرى> قال رأى رَفْرَفا أخْضَر سدَّ الأُفُق> أي بِسَاطا‏.‏ وقيل فرَاشا‏.‏ ومنهم من يَجْعَل الرَّفْرف جَمْعا، واحِدُه رفْرَفةٌ، وجمع الرَّفْرف رَفَارِف‏.‏ وقد قُرىء به <متَّكئين على رَفَارِف خُضْرٍ> ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث المعراج ذكر <الرفْرف> وأُريد به البِسَاط‏.‏ وقال بعضُهم‏:‏ الرَّفْرف في الأصْل ما كان من الدِّيَباجِ وغيره رقيقاً حَسَن الصَّنْعة‏.‏ ثم اتُّسِع فيه‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <رَفْرَفَتَ الرحمة فوق رأسه> يقال رَفْرَف الطائر بجَناحَيه إذا بسَطهما عندَ السُّقُوط على كل شيء يَحُوم عليه ليَقع فوق‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث أم السائب <أنه مرّ بها وهي تُرَفْرِف من الحُمَّى، فقال: ما لَكِ تُرفْرِفين! > أي تَرْتَعِدُ‏.‏ ويُروى بالزَّاي، وسُيذْكَر‏.‏

‏{‏رفش‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث سلمان <إنه كان أرْفَشَ الأُذُنين> أي عَريضَهما، تشبيها بالرَّفْش الذي يُجْرَف به الطعام‏.‏

‏{‏رفض‏}‏*في حديث البُراق <أنه اسْتَصْعب على النبي صلى اللّه عليه وسلم ثم ارْفَضَّ عَرَقا وأقَرّ> أي جَرَى عَرَقُه وسَال، ثم سَكَن وانقادَ وتَرَك الاسْتِصْعاب‏.‏

ومنه حديث الحوض <حتى يرفَضّ عليهم> أي يَسِيل‏.‏

وفي حديث عمر رضي اللّه عنه <أنّ امرأةً كانت تَزْفِنُ والصِّبيانُ حَوْلَها، إذْ طَلَع عُمَر فارفَضَّ الناسُ عنها> أي تفرَّقُوا‏.‏

ومنه حديث مُرَّة بن شَراحِيل <عُوتِبَ في تَرْك الجُمعة فذَكَر أنّ به جُرْحا ربما ارفَضَّ في إزارِه> أي سال فيه قيحُه وتفرَّقَ‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏{‏رفع‏}‏*في أسماء اللّه تعالى <الرافِع> هو الذي يرْفَع المؤمنين بالإسعاد، وأولياءَه بالتَّقْريب‏.‏ وهو ضِدُّ الخَفْض‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <كلُّ رافعةٍ رَفَعت علينا من البَلاغ فقد حَرَّمْتها أن تُعْضَد أو تُخْبَط> أي كلّ نفْس أو جماعة تُبَلّغ عنا وتُذيعُ ما نقوله فلْتُبَلِّغ ولْتَحْك إنّي حرَّمْتها أن يُقْطَع شجرُها أو يُخْبِط ورَقُها‏.‏ يعني المدينة‏.‏ والبَلاغ بمعنى التَّبْليغ، كالسَّلام بمعنى التَّسليم‏.‏ والمراد من أهل البلاغ‏:‏ أي المُبَلِّغين، فحذف المضاف‏.‏ ويُروى من الْبُلَّاغ، بالتشديد بمعنى المُبَلِّغين، كالحُدّاث بمعنى المُحَدّثين‏.‏ والرّفْع ها هنا من رَفَع فلان على العامل إذا أذاع خَبَره وحَكَى عنه‏.‏ ورَفَعْت إلى الحاكم إذا قَدَّمَته إليه‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <فرفَعْتُ ناقتي> أي كَلَّفْتها المرفوع من السَّير، وهو فَوق الموضوع ودون العَدْوِ‏.‏ يقال ارْفَع دابَّتك أي أسرِع بها‏.‏

ومنه الحديث <فرفَعْنا مطِيَّنا، ورفَع رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم مَطِيّتَه، وصَفِيَّةُ خَلْفه> ‏.‏

وفي حديث الاعتكاف <كان إذا دخَل العَشْرُ أيقَظ أهلَه ورفَع المِئْزَر> جَعَل رفْع المئزَر - وهو تشميرُه عن الإسْبال - كنايةً عن الاجتهاد في العِبادة‏.‏ وقيل كَنَى به عن اعتِزال النساءِ‏.‏

وفي حديث ابن سَلام <ما هَلكَت أُمَّة حتى تَرْفَع القرآنَ على السلطان> أي يتأوَّلونه ويَرَون الخُروج به عليه‏.‏

‏{‏رفغ‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <عَشْر من السُّنَّة: كذا وكذا ونَتفُ الرُّفْغَين> أي الإبِطَين‏.‏ الرُّفْغ بالضم والفتح‏:‏ واحدُ الأرفاغ، وهي أصولُ المَغابن كالآباط والحَوالِب، وغيرِها من مَطاوي الأعضاءِ وما يَجتمع فيه الوَسَخ والعَرَق‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <كيف لا أُوهِم (انظر <وهم> فيما يأتي‏:‏‏)‏ ورُفْغ أحدِكم بين ظُفُره وأنْمُلَتِه> أراد بالرُّفْغ ها هنا وَسَخ الظُّفُر، كأنَّه قال‏:‏ ووسَخُ رُفْغ أحدِكم‏.‏ والمعنى أنكم لا تُقَلِّمون أظفاركم ثم تَحُكُّون بها أرْفاغَكم، فيعْلَق بها ما فيها من الوَسَخ‏.‏

وفي حديث عمر رضي اللّه عنه <إذا الْتَقى الرُّفْغان وجَبَ الغُسل> يريد الْتِقاء الخِتانَين، فكَنَى بها عنه بالْتِقاء أُصول الفَخِذَين؛ لأنه لا يكون إلاَّ بعد الْتِقاء الخِتانَين‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

وفي حديث علي رضي اللّه عنه <أرفَغَ لكم المَعاش> أي أوْسَع عليكم‏.‏ وعَيْش رافغٌ‏:‏ أي واسعٌ‏.‏

ومنه حديثه <النِّعَمُ الرَّوافغُ> جمع رافِغة‏.‏

‏{‏رفف‏}‏*فيه <من حَفَّنا أو رَفَّنا فليَقْتصِدْ> أراد المَدْحَ والإطْراء‏.‏ يقال فلان يَرُفُّنا‏:‏ أي يَحُوطُنا ويَعْطِف علينا‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفي حديث ابن زِمْل <لم تَرَعَيْني مثْلَه (الضمير في مثله يعود إلى مرج ذكر في الحديث. قاله في الدر النثير) قَطُّ يَرِفُّ رَفِيفاً يَقْطُر نداه (في الفائق 2/543 <نداوة> > ‏)‏ يُقال للشيء إذا كَثُر ماؤُه من النَّعْمة والغَضاضة حتى يَكاد يهَتُّز‏:‏ رفَّ يَرِفُّ رَفِيفاً‏.‏

ومنه حديث معاوية <قالت له امرأة: أُعِيذُك باللّه أن تَنْزل وادياً فَتدعَ أوّله يَرِفُّ وأخِره يَقِفُّ>‏.‏

‏[‏ه‏]‏ ومنه حديث النابغة الجَعْدِي <وكأنَّ فاهُ البَرَدُ يرفُّ> أي تَبْرُق أسْنانُه، من رَفّ البَرقُ يرِفّ إذا تَلألأ‏.‏

‏[‏ه‏]‏ ومنه الحديث الآخر <تَرِفُّ غُرُوبه> الغُرُوب‏:‏ الأسْنَان‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفي حديث أبي هريرة، وسُئل عن القُبْلة للصَّائم فقال‏:‏ <إني لأرُفُّ شَفَتَيها وأنا صَائم> أي أمُصُ وأترَشَّفُ‏.‏ يُقال منه رفَّ يَرُفُّ بالضم‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث عُبيدَة السَّلْمَانِي <قال له ابن سِيرين: ما يُوجبُ الجَنابَة؟ فقال: الرَّفُّ والاسْتِمْلاقُ> يعني المَصَّ ‏(‏قال السيوطي في الدر النثير‏:‏ قال الفارسي‏:‏ أراد امتصاص فرج المرأة ذكر الرجل وقبولها ماءه، على مذهب من قال الماء من الماء‏)‏ والجِماع، لأنه من مُقَدِّماته‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفي حديث عثمان رضي اللّه عنه <كان نازلا بالأبْطح فإذا فسُطْاطٌ مضروبٌ، وإذا سَيفٌّ مُعَلَّق في رَفِيف الفُسْطاط> الفُسْطاط‏:‏ الخَيَمةُ‏.‏ ورَفِيفُه‏:‏ سقْفه‏.‏ وقيل هو ما تَدَلَّى منه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث أمّ زَرْع <زَوْجي إن أكَل رَفَّ> الرَّف‏:‏ الإكْثار من الأكْل، هكذا جاء في رواية‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <أن امرأةً قالت لزوجها: أحِجَّني، قال: ما عنْدي شيء، قالت: بِع تَمر رَفِّك> الرَّفُّ بالفتح‏:‏ خشَبٌ يُرْفَع عن الأرض إلى جَنْب الجِدَار يُوَقىّ به ما يُوضَع عليه‏.‏ وجمعه رُفُوفٌ ورِفَافٌ‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث كعب بن الأشرف <إنّ رِفَافِي تَقَصَّفُ تَمراً من عَجْوة يَغيبُ فيها الضِّرْس> ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <بَعْد الرِّفِّ والوَقِير> الرِّفُ بالكَسْر‏:‏ الإبلُ العَظيمةُ‏:‏ والوَقِير‏:‏ الغَنَم الكثيرة، أي بعدَ الغِنَى واليَسَار‏.‏

‏{‏رفق‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث الدعاء <وألْحِقني بالرَّفِيقِ الأعْلى> الرَّفِيقُ‏:‏ جماعة الأنْبياء الذَّين يسكنُون أعْلَى علِّيِّين، وهو اسمٌ جاء على فَعِيل، ومعْناه الجَماعةُ، كالصَّدِيق والخَليط يقعُ على الوَاحد والجَمْع‏.‏

‏[‏ه‏]‏ ومنه قوله تعالى <وحسُن أولئك رفيقاً> والرَّفيقُ‏:‏ المُرَافق في الطَّريق‏.‏ وقيل مَعنى ألْحِقني بالرَّفيق الأعْلى‏:‏ أي باللّه تعالى ‏(‏في الهروي‏:‏ غلط الأزهري قائل هذا واختار المعنى الأول‏)‏ يقال اللّهُ رَفيق بعباهدِ، من الرِّفْق والرَّأفة، فهو فَعِيل بمعنى فَاعِل‏.‏

ومنه حديث عائشة <سمعته يقول عِنْدَ موته: بل الرَّفيق الأعْلى> وذلك أنه خُيِّر بَيْن البَقَاء في الدُّنيا وبين ما عِنْدَ اللّه، فاخْتار ما عِنْدَ اللّه‏.‏ وقد تكرَّر في الحديث‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث المُزراعَة <نَهانَا عن أمْر كان بِنَا رَافِقاً> أي ذَا رِفْق‏.‏ والرِّفقُ‏:‏ لينُ الجَانب، وهو خِلَافُ العُنف‏.‏ يقال منه رَفَق يرفُقُ ويرفِق‏.‏

ومنه الحديث <ما كان الرِّفقُ في شيء إلَّا زَانه> أي اللُّطفُ‏.‏

والحديث الآخر <أنتَ رَفِيقٌ واللّه الطَّبيب> أي أنْتَ تَرْفُق بالمَرِيض وتتلَطَّفُه، واللّهُ الذي يُبرِئه ويُعافِيه‏.‏

ومنه الحديث <في إرفَاق ضَعِيفهم وسَدِّ خَلَّتِهم> أي إيصَال الرِّفْق إليهم‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <أيُّكم ابن عبد المُطَّلب؟ قالوا: هو الأبيضُ المُرْتَفِق> أي المُتَّكِىء على المِرْفَقة وهي كالوسادة، وأصلُه من المِرَفق، كأنه استعمل مِرفَقَه واتكأَ عليه‏.‏

ومنه حديث ابن ذي يزَن‏.‏

اشرَب هنيئاً عليكَ التَّاجُ مُرتَفقا*

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث أبي أيوب <وجَدْنا مَرَافِقَهم قد اسُتقبل بها القبلة> يريد الكُنُفَ والحُشُوشَ، واحدها مِرَفق بالكسر‏.‏

وفي حديث طهْفَة في رواية <ما لم تُضْمِرُوا الرِّفاق> وفُسِّر بالنِّفَاق‏.‏

‏{‏رفل‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <مَثلُ الرَّافِلَة في غَير أهْلها كالظُّلْمة يومَ القيامة> هي التي ترفُل في ثَوْبها‏:‏ أي تَتَبخْتر ‏(‏في الدر النثير‏:‏ قال الفارسي وابن الجوزي‏:‏ هي المتبرجة بالزينة لغير زوجها‏)‏ والرِّفْل‏:‏ الذَّيل‏.‏ ورَفَل إزَارَه إذا أسْبَله وتبخْتَر فيه‏.‏

ومنه حديث أبي جهل <يَرْفُل في النَّاس> ‏.‏ ويروى يَزُول بالزَّاي والوَاو‏:‏ أي يُكثر الحَرَكة ولا يَسْتَقِرّ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث وائل بن حُجْر <يَسْعى ويَتَرَفَّل على الأقْوال> أي يَتَسوَّد ويَترأّس، اسَتعاره من تَرْفيل الثوب وهو إسْباغُه وإسْبالُه‏.‏

‏{‏رفن‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <إنّ رَجُلا شَكَا إليه التَّعُّزب فقال له: عَفِّ شَعْرَك، ففَعَل فارْفأنَّ> أي سَكَن ما كانَ به‏.‏ يُقال ارفأنّ عن الأمْرِ وارْفَهنَّ، ذكره الهروي في رَفَأ، على أنَّ النون زائدةٌ‏.‏ وذكره الجوهَري في حَرْف النون على أنها أصْلية، وقال‏:‏ ارْفأَن الرَّجل ‏[‏ارْفِئْنانا‏]‏ ‏(‏زيادة من الصحاح‏)‏ على وزْن اطْمَأَن‏:‏ أي نفَرَ ثم سَكَن‏.‏

‏{‏رفه‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنه نَهَى عن الإرْفَاهِ> هو كثْرةُ التَّدهُّن والتَّنَعُّم‏.‏ وقيل التَّوسُّع في المَشْرَب والمَطْعَم، وهو من الرِّفْه‏:‏ وِرْد الإبل، وذاك أن تَرِد الماءَ متى شاءَت، أرادَ تَرْك التَّنَعُّم والدَّعة ولينِ العيش؛ لأنه من زِيّ العَجم وأرْباب الدُّنيا‏.‏

ومنه حديث عائشة رضي اللّه عنها <فلما رُفِّه عنه> أي أُرِيح وأُزِيل عنه الضِيق والتعبُ‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث جابر رضي اللّه عنه <أراد أن يُرَفِّه عنه> أي يُنَفِّس ويُخَفِّف‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث ابن مسعود رضي اللّه عنه <إن الرجل ليَتَكلم بالكلمة في الرَّفاهِيِة من سَخَط اللّه تُرْديه بُعْدَ ما بين السماء والأرضِ> الرَّفاهية‏:‏ السَّعَة والتنعُّم‏:‏ أي أنه يَنِطُق بالكلمة على حُسْبان أنّ سَخَط اللّه تعالى لا يَلْحقُه إن نَطَق بها وأنه في سَعَة من التَّكلُّم بها، وربما أوقَعَتْه في مَهْلَكةٍ، مَدَى عظَمِها عند اللّه ما بين السماء والأرض‏.‏ وأصلُ الرَّفاهية‏:‏ الخصْب والسَّعَة في المعاش‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث سلمان رضي اللّه عنه <وطيرُ السماء على أرْفَهِ خَمَر الأرض يقع> قال الخطّابي‏:‏ لسْتُ أدري كيف رواهُ الأصمُّ بفتح الأف أو ضَمَّها، فإن كانت بالفتح فمعناهُ‏:‏ على أخْصَب خَمَر الأرض، وهو من الرَّفْه، وتكون الهاءُ أصليةً‏.‏ وإن كانت بالضم فمعناه الحدّث والعَلَم يُجْعَل فاصِلا بين أرْضَيْن، وتكون التاء للتأنيث مثلها في غُرْفَة‏.‏

‏{‏رفا‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنه نَهَى أن يقال بالرِّفاء والبنِين> ، ذكره الهروي في المُعْتلّ ها هنا ولم يَذْكُره في المهموز‏.‏ وقال‏:‏ يكونُ على معنَيين‏:‏ أحدُهما الاتِّفاقُ وحُسْن الاجتماع، والآخر أن يكون من الهدُوء والسُّكون ‏(‏زاد الهروي‏:‏ <وفي حديث آخر: كان إذا رفأ رجلا قال: جمع الله بينكما في خير> أي إذا تزوج رجل‏.‏ وأصل الرفء الاجتماع‏.‏ ومن رواه <إذا رفى رجلا> أراد إذا أحب أن يدعو له بالرفاء، فترك الهمز‏.‏ ولم يكن الهمز من لغته> ‏)‏ ‏.‏ قال‏:‏ وكان إذا رَفَّى رجُلا‏:‏ أي إذا أحَبَّ أن يَدْعُو له بالرِّفاء، فترك الهمْز ولم يكن الهمز من لُغته‏.‏ وقد تقدم‏.‏

 باب الراء مع القاف

‏{‏رقأ‏}‏*فيه <لا تَسُبُّوا الإبلَ فإن فيها رَقُوءَ الدَّم> يقال رَقَأ الدّمْعُ والدَّم والعِرْقُ يرَقَأُ رُقُوءاً بالضم، إذا سَكَن وانْقَطع، والاسمُ الرَّقُوء بالفتح‏:‏ أي أنها تُعْطَى في الدِيات بَدلا من القَوَد فَيُسْكُن بها الدَّم‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث عائشة <فبِتُّ ليَلتي لا يَرْقأُ لِي دمْعٌ> وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏{‏رقب‏}‏*في أسماء اللّه تعالى <الرَّقيبُ> وهو الحافظُ الذي لا يَغِيب عنه شيءٌ، فعيلٌ بمعنى فاعل‏.‏

ومنه الحديث <ارقُبُوا مُحّمدا في أهل بَيْته> أي احفَظُوه فيهم‏.‏

ومنه الحديث <ما من نَبيّ إلَّا أُعْطِي سبعة نُجَباء رُقَباء> أي حَفَظة يكونون معه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه أنه قال‏:‏ <ما تُعدُّون الرَّقُوب فيكم؟ قالوا: الذي لا يَبْقى له وَلَد، فقال: بل الرَّقُوب الذي لم يُقَدِّم من وَلَدِه شيئاً> ، الرَّقُوب في اللغة‏:‏ الرجل والمرأةُ إذا لم يَعش لهما وَلَد، لأنه يرقُبُ موتَه ويرصُدُه خوفاً عليه، فَنَقَلَه النبي صلى اللّه عليه وسلم إلى الذي لم يُقَدَّم من الولد شيئاً أي يموتُ قَبْله‏.‏ تَعْريفا أن الأجر والثواب لمن قَدَّم شيئاً من الوَلَد، وأنَّ الاعْتداد به أكثرُ، والنَّفعَ فيه أعظمُ‏.‏ وأنَّ فّقْدَهم وإن كان في الدنيا عظيما فإن فقْدَ الأجْر والثواب على الصبر والتسليم للقضاءِ في الآخرِة أعظمُ، وأنَّ المسْلم ولَدُه في الحقيقة مَنْ قدَّمه واحْتَسبه، ومَن لم يُرْزَق ذلك فهو كالذي لا وَلَد لهُ‏.‏ ولم يقَلُه إبْطالاً لتفسيره اللُّغَوي، كما قال‏:‏ إنما المحرُوب مَنْ حُرِب دِيَنه، ليس على أن مَن أُخِذ مالُه غير محرُوب‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <الرُّقْبَى لمن أُرْقِبَها> هو أن يقول الرجُل للرجل قد وهَبتُ لك هذه الدار، فإن مُتَّ قَبْلي رجَعَت إليّ، وإن مُتُّ قبلك فهي لك‏.‏ وهي فُعْلى من المُرتقَبة؛ لأن كلَّ واحد منهما يَرْقُبُ موت صاحبه‏.‏ والفقهاء فيها مُختلِفون، منهم من يجعلُها تَمليكا، ومنهم مَن يجعلُها كالعارِيَّة، وقد تكررت الأحاديثُ فيها‏.‏

وفيه <كأنما أعتَقَ رَقبة> قد تكررت الأحاديثُ في ذكْر الرّقبة وعِتْقِها وتحْريرها وفَكّها وهي في الأصل العنُقُ، فجعِلت كنايةً عن جميعِ ذات الإنسانِ؛ تسمِيةَ للشيء ببعضِه، فإذا قال‏:‏ أعْتِقُ رقبةً، فكأنه قال أعْتِق عَبْداً أو أمةً‏.‏

ومنه قولهم <ذَنبُه في رَقَبته> ‏.‏

ومنه حديث قَسْم الصَّدقات <وفي الرِقابِ> يريد المُكَاتِبين من العبِيد يُعْطَون نصِيباً من الزكاة يَفُكُّون به رِقابهم، ويَدْفعونه إلى مواليهم‏.‏

ومنه حديث ابن سِيرين <لنا رِقاب الأرض> أي نَفْس الأرض، يعْني ما كان من أرض الخَراج فهو للمسلمين، ليس لأصحابه الذين كانوا فيه قبل الإسلام شيءٌ، لأنها فُتحَت عَنْوة‏.‏

ومنه حديث بلال <والرَّكائِب المُناخة لك رِقابُهنَّ وما عليهنَّ> أي ذَواتُهنَّ وأحمالُهن‏.‏

ومنه حديث الخيْل <ثم لم يَنْس حقَّ اللّه في رِقابها وظُهورها> أراد بِحَقّ رِقابها الإحسانَ إليها، وبحق ظهورها الحَمْلَ عليها‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث حفر بئر زمزم‏.‏

فغارَ سَهْمُ اللّهِ ذي الرقيبِ*

الرَّقيب‏:‏ الثالث من سِهام المَيْسِر‏.‏

وفي حديث عُيَينة بن حِصْن ذِكرُ <ذِي الرَّقِيبة> وهو بفتح الراء وكسر القافِ‏:‏ جَبَل بخيَبر‏.‏

‏{‏رقح‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث الغار والثلاثة الذين أوَوْا إليه <حتى كثُرت وارْتقَحَت> أي زادت، من الرَّقاحة‏:‏ الكسب والتجارة‏.‏ وترقيحُ المال‏:‏ إصلاحُه والقيامُ عليه‏.‏

ومنه الحديث <كان إذا رقَّح إنساناً> يريدُ إذا رَفَّأ إنسانا‏.‏ وقد تقدم في حرف الراء والفاء‏.‏

‏{‏رقد‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث عائشة <لا تَشْرب في راقُود ولا جَرَّة> الراقُود‏:‏ إناءُ خَزَف مُسْتطيلٌ مُقَيَّرٌ، والنَّهي عنه كالنهي عن الشرب في الحنَاتِم والجِرار المُقَيَّرة‏.‏

‏{‏رقرق‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <إن الشمس تَطلعُ ترَقْرقُ> أي تدور وتجيء وتذهبُ، وهو كنايةٌ عن ظُهور حَرَكّتها عند طلوعها، فإنها يُرَى لها حركة مُتَخَيَّلة، بسبب قُرْبها من الأُفُق وأبْخِرته المُعْترِضة بينها وبين الأبصار، بخلاف ما إذا عَلَت وارْتَفَعَت‏.‏

‏{‏رقش‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث أمّ سلمة <قالت لعائشة: لو ذَكَّرْتُكِ قولاً تَعْرِفِينه نَهَشْتِني (هكذا بالأصل واللسان. وفي ا والهروي وأصل الفائق 1/585: <نهشْتِهِ> ‏)‏ نَهْشَ الرَّقشاء المُطْرِق> الرَّقشاءُ‏:‏ الأفَعى، سُميت بذلك لتَرْقيشٍ في ظَهْرها، وهي نُقَط وخُطُوط‏.‏ وإنما قالت المُطْرق‏:‏ لأن الحَيّة تقع على الذَّكر والأنثى‏.‏

‏{‏رقط‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث حذيفة <أتَتْكم الرَّقْطَاءُ والمُظْلِمة> يعمي فِتْنَةً شَبَّهها بالحيةِ الرَّقْطاءِ، وهو لونٌ فيه بياضٌ وسوادٌ‏.‏ والمُظْلِمة التي تعمُ، والرَّقطاءُ التي لا تَعُم‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث أبي بكرة وشَهادته على المُغِيرة <لو شِئْتُ أنْ أعدَّ رُقَطاً كانت بِفَخِذَيها> أي فَخِذَي المرأةِ التي رُمِي بها‏.‏

وفي حديث الحَزْوَرَة <اغْفرَّ بطحاؤها وارقاطَّ عَوسَجُها> ارْقاطَّ من الرُّقْطة وهو البَياضُ والسوادُ‏.‏ يقال ارقَطَّ وارْقَاطَّ، مثْل احْمرّوَا حمْارَّ، فإذا اسْودَّ شيئاً قيل‏:‏ قد قَمِل، فإذا زادَ قيل‏:‏ قد ارقاطَّ، فإذا زاد قيل‏:‏ قد أدْبَى‏.‏

‏{‏رقع‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه‏:‏ <أنه قال لسَعْد بن مُعَاذ حين حَكم في بني قُرَيْظة: لقد حكمت بحُكم اللّه من فَوق سبعة (في الأصل: سبع أرقعة، والمثبت من ا واللسان والهروي. قال في اللسان: <جاء به على التذكير كأنه ذهب به إلى معنى السقف. وبمعنى سبع سموات> ‏)‏ أرْقِعَة> يعني سَبْع سمواتٍ‏.‏ وكل سماءٍ يُقَال لها رَقِيع، والجمعُ أرْقِعة‏.‏ وقيل الرقيعُ اسمُ سماءِ الدنيا، فأعطى كل سماءٍ اسْمها‏.‏

وفيه <يجيء أحدُكم يوم القَيامة وعلى رَقَبته رِقَاعٌ تَخْفِق> أراد بالرِّقاع ما عليه من الحُقُوق المكْتُوبة في الرّقاع‏.‏ وخُفُوقُها حركَتُها‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <المؤمنُ واهٍ راقعٌ> أي يَهِي دينه بمَعْصِته، ويرقَعُه بِتَوْبته، من رَقَعْتُ الثوب إذا رمَمْتُه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث معاوية <كان يَلْقَم بيدٍ ويرقَعُ بالأُخْرى> أي يَبْسُطها ثم يُبْبعها اللُّقمة يَتَّقِي بها ما يَنْتثر منها‏.‏

‏{‏رقق‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <يُودَي المُكَاتَبُ بقَدْر ما رَقَّ منه دِيَةَ العّبْد، وبقَدْر ما أدّى دِية الحرِّ> قد تكرر ذكْر الرِّق والرقيق في الحديث‏.‏ والرِّق‏:‏ المِلْك‏.‏ والرَّقِيق‏:‏ المملوك، فعيل بمعنى مفعول‏.‏ وقد يُطْلق على الجَماعة كالرفيق، تقول رَقَّ العبْدَ وأرَقَّه واسْترَقّه‏.‏ ومعنى الحديث‏:‏ أنَّ المُكَاتَب إذا جُنِي عليه جِنَاية وقد أدَّى بَعْض كِتَابَتِه، فإنَّ الجانِيَ عَليه يَدْفع إلى ورَثَته بقدر ما كان أدَّى من كِتابته دِيَةَ حُرّ، ويدفع إلى مولاه بقدر ما بَقِي من كتابَته دِيَة عبد، كأنْ كاتَب على ألْف، وقِيمتُه مائة، فأدّى خَمْسَمئة ثم قُتِل، فلِورَثَة العبْد خمسة آلاف، نصف دية حُرٍّ، ولمَوْلاه خَمْسُون، نِصْف قِيمَتِه‏.‏ وهذا الحديث أخرجه أبو داود في السُّنن عن ابن عباس، وهو مَذْهب النَّخَعي‏.‏ ويُروى عن عليّ منْه‏.‏ وأجَمْع الفقهاءُ على أنَّ المكاتب عبْدٌ ما بَقِيَ عليه دِرْهم‏.‏

وفي حديث عمر <فلم يَبْقَ أحدٌ من المسْلمين إلَّا لَه فيها حَظٌّ وحَقٌّ، إلَّا بعْضَ من تمْلِكون من أرِقَّائكم> أي عَبيدكم‏.‏ قيل أراد به عَبيداً مَخْصوصِين، وذلك أنَّ عمر رضي اللّه عنه كانَ يُعْطِي ثلاثة مماليك لبَنِي غِفَار شَهِدُوا بَدْرا، لِكُل واحِد منهم في كل سَنة ثلاثة آلاف دِرْهم، فأراد بهذَا الاسْتِثناء هؤلاء الثلاثة‏.‏ وقيل أراد جميع المماليك‏.‏ وإنَّمَا اسْتَثنى من جُملة المسلمين بعضاً من كلٍّ، فكان ذلك مُنْصَرفا إلى جنْس المماليك، وقد يُوضع موضع الكُلّ حتى قيل إنه من الأضداد‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <أنه ما أكَلَ مُرَققَّاً حتى لَقي اللّه تعالى> هو الأرْغِفَة الواسِعة الرقيقَة‏.‏ يقال رَقِيق ورُقَاق، كطَويل وطُوَال‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث ظبيان <ويَخْفِضُها بُطْنَان الرَّقَاق> الرّقاق‏:‏ ما اتَّسَع من الأرض ولان، واحِدُها رِقٌّ بالكسر‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <كانَ فُقهاء المدينة يشترون الرِّقَّ فيأكلونه> هو بالكسر‏:‏ العَظِيم من السَّلاَحِف، ورَواه الجوهري مَفْتوحا ‏(‏ورواه الهروي بالفتح أيضاً‏.‏ وقال‏:‏ وجمعه رُقوقٌ‏)‏ ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <اسْتَوْصُوا بالمِعْزَي فإنه مَالٌ رَقيق> أي لَيْس له صَبْر الضَّأن على الجفَاء وشدَّة البرْد‏.‏

ومنه حديث عائشة <إنَّ أبا بكر رجُل رَقيق> أي ضعيف هَيْن لَيّن‏.‏

ومنه الحديث‏:‏ <أهلُ اليمن أرَقُّ قُلوباً> أي ألْيَن وأقْبَل للموعظة‏.‏ والمراد بالرَّقة ضِدّ القَسْوة والشِّدّة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث عثمان رضي اللّه عنه <كَبِرَت سِنّي ورَقّ عَظْمي> أي ضَعُف‏.‏ وقيل هو من قول عُمر رضي اللّه عنه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث الغسل <إنه بدَأ بيمينه فغَسلها، ثم غَسل مَرَاقَّه بشماله> ‏.‏ المرَاقّ‏:‏ ما سَفَل من البطن فما تحته من المواضع التي تَرِقُّ جُلُودُها، واحدُها مَرَقّ‏.‏ قال الهروي‏.‏ وقال الجوهري‏:‏ لا واحدَ لها ‏(‏في الصحاح‏:‏ له‏)‏

ومنه الحديث <أنه اطَّلَي حتى إذا بلغ المَراقّ ولِيَ هو ذلك بنفسه> ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث الشَّعبي <سُئل عن رجل قبَّل أمّ امْرأته، فقال: أعَن صَبُوحٍ تُرَقِّق؟ حرُمت عليه امرأتُه> هذا مَثَل للعرب‏.‏ يقال لِمَن يُظْهر شيئاً وهو يُريد غيره، كأنه أراد أن يقول‏:‏ جامع أمّ امرأته فقال قبّل‏.‏ وأصله‏:‏ أنّ رجلا نَزل بقوم فبات عندهم، فجعل يُرقّق كلامه، ويقول‏:‏ إذا أصْبَحت غَداً فاصْطَبَحْت فَعْلتُ كذا ‏(‏زاد الهروي‏:‏ <أو قال: إذا صبحتموني غداً فكيف آخذ في حاجتي> ‏)‏ ، يريد إيجابَ الصّبُوح عليهم، فقال بعضهم‏:‏ أعّن صَبُوحٍ تُرَقّق‏:‏ أي تُعَرِّض بالصَّبوح‏.‏ وحقيقته أنّ الغَرض الذي يَقْصدُه كلأنّ عليه ما يَسْتُره، فيُريد أن يَجعله رَقيقاً شَفَّافاً يَنمُّ على ما وراءه‏.‏ وكأن الشعبي اتّهَم السائل، وأراد بالقُبْلة ما يَتْبَعُهَا فغَلَّظَ عليه الأمر‏.‏

وفيه <وتجيء فِتْنَة فيُرَقِّقُ بعضُها بعضاً> أي تُشَوِّق بتَحْسِينها وتَسْوِيلها‏.‏

‏{‏رقل‏}‏*في حديث علي رضي اللّه <ولا يقْطَع عليهم رَقْلَة> الرِّقْلَة‏:‏ النخلة الطويلة وجنسها الرّقْل، وجمعها الرِّقال‏.‏

ومنه حديث جابر في غَزْوَة خيبر <خَرج رجُل كأنَّه الرقْلُ في يدِه حِرْبة>

‏[‏ه‏]‏ ومنه حديث أبي حَثْمة <ليس الصقّر في رُؤوس الرّقْل الراسخات في الوَحل> الصقّر‏:‏ الدِّبْس‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث قُسّ ذكْر <الإرْقال> وهو ضَرْب مِن العَدْو فَوْق الخِبَب‏.‏ يقال أرْقَلت الناقة تُرْقِل إرْقالاً، فهي مُرْقل ومِرْقال‏.‏

ومنه قصيد كعب بن زهير‏:‏

فيها على الأين إرْقالٌ وتَبْغِيلُ*

‏{‏رقم‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنَى فاطمة فوجَد على بابها سِتْرا مُوشّىً فقال: ما أنا والدنيا والرَّقْمَ> يُريد النَّقْش والوَشْيَ، والأصل فيه الكتابة‏.‏

ومنه الحديث <كان يَزيد في الرَّقم> أي ما يُكْتَب على الثياب من أثْمانها لِتَقع المُرَابَحة عليه، أو يَغْتَر به المشتري، ثم استعمله المحدِّثون فيمن يكْذب ويَزيد في حديثه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <كان يُسَوِّي بين الصُّفوف حتى يَدَعَها مِثْل القِدْح أو الرَّقِيم> الرَّقِيم الكتاب، فَعِيل بمعنى مفعول‏:‏ أي حتى لا يَرَى فيها عِوَجاً، كما يُقَوِّم الكاتب سُطورَه‏.‏

‏[‏ه‏]‏ ومنه حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما <ما أدْري ما الرَّقيم؟ كتاب أمْ بُنْيان (الذي في الهروي: سأل ابن عباس كعباً عن الرقيم، فقال: هي القرية التي خرج منها أصحاب الكهف...وقال الفراء: الرقيم: لوح كانت أسماؤهم مكتوبة فيه> ‏)‏ يعني في قوله تعالى <أنْ أصحابَ الكهف والرَّقِيم كانوا من آياتنا عَجبا> ‏.‏

ومنه حديث علي رضي اللّه عنه في صفة السماء <سَقْفٌ سائر ورَقِيمٌ مائر> يريد به وَشْيَ السماء بالنجوم‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <ما أنتم في الأمَمِ إلا كالرُّقْمة في ذِراع الدابة> الرَّقْمة هُنا‏:‏ الهَنَة الناتِئة في ذِراع الدابة من داخِل، وهما رَقْمتان في ذراعَيها‏.‏

وفيه <صعَد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم رَقْمة من جَبل> رَقْمة الوادي‏:‏ جانبِه‏.‏ وقيل مُجْتَمع مائِه‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه <هو إذاً كالأرْقَم> أي الحيَّة التي على ظهْرها رَقْمٌ‏:‏ أي نَقْش، وجمْعُها أراقِمُ‏.‏

‏{‏رقن‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <ثلاثة لا تَقْرَبُهم الملائكة بخير، منهم المُتَرقِّن بالزَّعْفرِان> أي المُتَلَطِّخ به‏.‏ والرَّقُون والرِّقان‏:‏ الزّعْفران والحنَّاء‏.‏

‏{‏رقه‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث الزكاة <في الرِّقَة رُبعُ العُشْر> ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث آخر <عفَوْت لكم عن صَدَقة الخيل والرَّقيق، فَهاتُوا صَدَقة الرِّقَة> يريد الفِضَّة والدَّراهم المَضْروبة منها‏.‏ وأصْل اللَّفظة الوَرِق، وهي الدَّراهِم المضروبة خاصّة، فَحُذِفَت الواو وعُوِّض منها الهاء‏.‏ وإنما ذكرناها ها هنا حملا على لفْظِها، وتُجْمع الرِّقَة على رِقَات وَرِقِين ‏(‏وفي المثل‏:‏ <وجدان الرقين يغطي أفن الأفين> أي الغني وقاية للحمق‏.‏ قاله الهروي‏)‏ ‏.‏ وفي الوَرِق ثلاث لغات‏:‏ الوَرْق والوِرْق والوَرِق‏.‏

‏{‏رقى‏}‏*فيه <ما كُنَّا نَأْبِنُه بِرُقْية> قد تكرر ذكْر الرُّقْيَة والرُّقَي والرَّقْى والاسْتِرْقاء في الحديث‏.‏ والرُّقْيَة‏:‏ العُوذة التي يُرْقى بها صاحب الآفة كالحُمَّى والصَّرع وغير ذلك من الآفات‏.‏ وقد جاء في بعض الأحاديث جَوازُها، وفي بعضها النَّهْي عنها‏:‏

‏(‏س‏)‏ فمِنَ الجَواز قوله <اسْتِرْقُوا لَها فإنّ بها النَّظْرة> أي اطْلُبوا لها مَن يَرْقيها‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومن النَّهْي قوله <لا يَسْتَرْقُون ولا يكْتَوُون> والأحاديث في القِسْمين كثيرة، ووَجْه الجَمْع بينهما أنّ الرُّقَي يُكْرَه منها ما كان بغير اللِّسان العَرَبِيّ، وبغير أسماء اللّه تعالى وصِفاته وكلامِه في كُتُبه المُنَزَّلة، وأن يَعتَقد أن الرُّقْيا نافِعَة لا مَحالة فَيَّتِكل عليها، وإيَّاها أراد بقوله <ما تَوَكَّل من اسْتَرقَا> ولا يُكْره منها ما كان في خلاف ذلك؛ كالتَّعَوّذ بالقُرآن وأسماء اللّه تعالى، والرُّقَى المَرْوِيَّة، ولذلك قال للذي رَقَى بالقرآن وأخَذَ عليه أجْراً‏:‏ <من أخَذ بِرُقْيَة بَاطِلٍ فقد أخَذْتَ بِرُقْية حَقّ> ‏.‏

‏(‏س‏)‏ وكقوله في حديث جابر <أنه عليه الصلاة والسلام قال: اعْرِضُوها عليَّ، فعرَضْنَاها فقال: لا بأس بها، إنَّما هي مَواثِيقُ> كأنه خاف أن يَقَع فيها شيء مما كانوا يَتلَّفظون به ويعتَقِدونه من الشِّرْك في الجاهلية، وما كان بغير اللسان العَرَبيّ، ممَّا لا يُعْرف له تَرْجَمة ولا يُمْكن الوُقوف عليه فلا يجوز اسْتِعْمالُه‏.‏

‏(‏س‏)‏ وأمّا قوله <لا رُقْيَة إلَّا مِن عَيْنٍ أو حٌمَة> فمعناه لا رُقْيَة أوْلَى وأنفَع‏.‏ وهذا كما قيل‏:‏ لا فَتي إلَّا عَلِيّ‏.‏ وقد أمَر عليه الصلاة والسلام غير وَاحِد من أصحابه بالرُّقْية‏.‏ وسَمع بجماعة يَرْقون فلم يُنْكِر عليهم‏.‏

‏(‏س‏)‏ وأمّا الحديث الآخر في صِفة أهل الجنة الذين يدخلونها بغير حساب <هم الذين لا يِسْتَرْقُون ولا يكْتَوُون، وعلى رَبِّهم يتوكلون> فهذا من صِفَة الأولياء المُعْرِضين عن أسباب الدُّنيا الذين لا يَلتَفِتون إلى شيء من عَلائِقها‏.‏ وتلك دَرَجة الخَواصِّ لا يَبْلُغها غيرُهم، فأمّا العَوامُّ فَمُرخَّص لهم في التَّداوِي والمعالجات، ومن صَبَر على البَلاء وانْتظَر الفرج من اللّه بالدعاء كان من جُمْلة الخوَاصّ والأولياء، ومَن لم يصبر رُخِّص له في الرُّقْية والعِلاج والدَّواء، ألَا تَرى أن الصِّدِّيق لمَّأ تَصدق بجميع ماله لم يُنْكِر عليه، عِلْماً منه بِيَقينه وصَبْره، وَلمَّا أتاه الرجُل بمثْل بَيْضَة الحَمام من الذَّهب وقال‏:‏ لا أمْلِك غيره ضَرَبَه به، بحيْثُ لو أصابَه عَقَره، وقال فيه ما قال‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث اسْتِرَاق السَّمع <ولكنهم يُرَقُّون فيه> أي يَتَزيَّدُون‏.‏ يقال‏:‏ رَقَّى فُلان على الباطل إذا تقَوّل ما لم يكُن وزَادَ فيه، وهو من الرُّقِيّ‏:‏ الصُّعود والارْتِفاع‏.‏ يقال‏:‏ رَقِيَ يَرْقَى رُقيّاً، وَرَقَّي، شُدِّد للتَّعدِية إلى المفعول‏.‏ وحقيقة المعْنَى أنهم يَرْتَفِعون إلى الباطل ويَدَّعُون فوق ما يسْمَعونه‏.‏

ومنه الحديث <كنْت رَقَّاءً على الجبال> أي صَعَّاداً عليها‏.‏ وفعَّال للمبالغة‏.‏

 باب الراء مع الكاف

‏{‏ركب‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <إذا سافَرْتُم في الخِصْب فأعْطُوا الرُّكُب أسِنَّتها> الرَّكُب بضم الراء والكاف جمع رِكَاب، وهي الرَّواحِل من الإبل‏.‏ وقيل جمْع رِكُوب، وهو ما يُرْكَب من كل دَابَّة، فَعُول بمعنى مَفْعول‏.‏ والرَُّكُوبة أخَصُّ منه‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <ابْغِني ناقةً حَلْبانَه رَكْبانَة> أي تَصْلح للحَلْب والرُّكُوب، والألف والنون زائدتان للمبالغة، ولِتُعْطِيَا مَعْنَى النَّسِب إلى الحَلْب والرُّكُوب‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <سَيَأتِيكم رُكَيْبٌ مُبْغَضُون، فإذا جاءوكم فَرحِّبُوا بهم> يُريد عُمَّال الزكاة، وجَعَلهم مُبْغَضِين؛ لِمَا في نفُوس أرباب الأموال من حُبِّها وكَراهة فِرَاقِها‏.‏ والرُّكَيْب‏:‏ تصغير رَكْب، والرَكْب اسْم من أسماء الجمْع، كنَفَر ورهْط، ولهذا صَغَّره على لفظه، وقيل هو جمع راكِب كصَاحِب وصَحْب، ولو كان كذلك لقَال في تصْغيره‏:‏ رُوَيكُبون، كما يقال صُوَيْحُبون‏.‏ والراكب في الأصل هو رَاكِب الإبل خاصَّة، ثم اتُّسِع فيه فأطْلِق على كل مَن ركِبَ دابَّة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <بَشّرْ رَكِيبَ السُّعاة بِقِطْع من جهنم مِثْل قُور حِسْمَي> الركِيب - بوَزن القَتِيل - الرَّاكب، كالضَّريب والصَّريم، للضَّارِب والصَّارم‏.‏ وفلان رَكيبُ فُلان، للذي يَرْكَب معه، والمراد برَكِيب السُّعاة من يَرْكَب عُمَّال الزكاة بالرَّفع عليهم ويَسْتَخِينهم ويكْتُب عليهم أكثر ممَّا قَبَضُوا، ويَنْسُب إليهم الظُّلم في الأخذْ‏.‏ ويجوز أن يُراد مَنْ يَرْكَب منهم الناس بالغَشْم والظُّلم، أو مَن يَصْحب عُمَّال الجَور‏.‏ يعني أنّ هذا الوَعِيد لِمَن صَحِبَهُهم، فما الظَّن بالعُمَّال أنْفُسِهم‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث الساعة <لَو نَتَج رجل مُهْراً لَه لم يُرْكِب حتى تقوم الساعة> يقال أرْكَب المُهْرُ يُرْكِب فهو مُرْكِب بكسر الكاف، إذا حان له أن يُرْكَب‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث حُذيفة <إنَّما تَهْلِكون إذا صرْتُم تَمْشون الرَّكَبَاتِ كأنَّكم يعَاقِيبُ حَجَلٍ> ‏.‏الرَّكْبة‏:‏ المرّة من الرُّكوب، وجَمْعها رَكَبَات بالتحريك، وهي منصوبة بفعل مُضْمر هو حال من فاعل تَمْشون، والرَّكَبات وَاقع مَوْقع ذلك الفعل مُشْتَغْنىً به عنه‏.‏ والتقدير‏:‏ تمشون تَرْكَبُون الرَّكبَات، مثل قولهم أرْسَلها العِرَاك‏:‏ أي أرسلها تَعْتَرك العِرَاك‏.‏ والمعنى تَمْشون رَاكِبين رؤسكم هائمين مُسْترسِلين فيما لا يَنْبَغي لكم، كأنكم في تَسَرُّعكم إليه ذُكُورُ الحجَل في سُرْعَتها وتهَافتها، حتى إنها إذا رأت الأنْثَى مع الصائد ألقَت أنْفُسها عليها حتى تَسْقُط في يَدِه‏.‏ هكذا شرحه الزمخشري‏.‏ وقال الهروي‏:‏ معناه أنكم تَرْكَبون رؤسكم في الباطل‏.‏ والرَّكَبات‏:‏ جَمْع رَكَبَة، يعني بالتحريك، وهُم أقَلُّ من الرَّكْب‏.‏ وقال القتيبي‏:‏ أراد تَمْضُون على وجوهكم من غير تَثَبُّت يَرْكَب بعضُكم بعضا‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث أبي هريرة <فإذا عُمَر قد رَكِبَني> أي تَبِعَني وجاء على أثَرِي؛ لأنَّ الراكب يَسِير بسَيْر المَرْكوب‏.‏ يقال ركِبْت أثرَه وطَرِيقَه إذا تَبِعْتَه مُلْتِحقاً به‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث المغيرة مع الصديق <ثمّ رَكَبْتُ أنْفَه برُكْبَتي> يقال رَكَبْتُه أرْكُبُه بالضم‏:‏ إذا ضرَبته بِرُكْبَتِك‏.‏

‏(‏س ‏[‏ه‏]‏‏)‏ ومنه حديث ابن سِيرين <أمَا تَعْرِف الأزْدَ وَرَكْبَها؟ اتَّق الأزْدَ لا يأخُذوكَ فيَرْكُبُوك> أي يَضْرِبُوك بِرُكَبهم، وكان هذا معروفا في الأزْد‏.‏

ومنه الحديث <أنّ المُهَلَّب ابن أبي صُفْرة دعا بمُعاوِية بن عَمْروٍ وجعَل يَرْكُبُه برجْله، فقال: أصلح اللّه الأمير، أعْفِتي من أمّ كَيْسَان> وهي كُنْية بلغة الأزد‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه ذِكر <ثَنِيَّة رَكُوبة> وهي ثَنِيَّة معروفة بين مكة والمدينة عند العَرْج، سَلكها النبي صلى اللّه عليه وسلم‏.‏

وفي حديث عمر رضي اللّه عنه <لَبَيْتٌ بِرُكْبَة أحَبُّ إليَّ مِن عَشْرة أبيات بالشام> رُكْبة‏:‏ موضع بالحجاز بيْن غَمْرة وذات عِرْق‏.‏ قال مالك بن أنَس‏:‏ يُريد لِطُول الأعمار والبَقاء، ولشِدَّة الوَباء بالشَّام‏.‏

‏{‏ركح‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <لا شُفْعة في فِنَاء ولا طريقٍ ولا رُكْح> الرُّكْح بالضم‏:‏ ناحِية البيت من وَرَائه، وربمَّا كان فَضَاءً لا بنَاء فيه‏.‏

ومنه الحديث <أهْل الرُّكْح أحَقُّ بِرُكْحِهم> ‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث عمر <قال لِعَمْرو بن العاص: ما أحِبُّ أن أجْعَل لك عِلَّة تَرْكَح إليها> أي ترْجِع وَتَلْجَأ إليها‏.‏ يقال رَكَحْتُ إليه، وأرْكَحْتُ، وارْتَكَحْتُ‏.‏

‏{‏ركد‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <نهَى أن يُبال في الماء الرَّاكِد> هو الدَّائم السَّاكِن الذي لا يجَرْي‏.‏

ومنه حديث الصلاة <في ركُوعها وسجودها وركودها> هو السكون الذي يَفصِل بين حركاتها، كالقيام والطُّمأنينة بعد الركُوع، والقعْدة بين السَّجْدَتين وفي التشهد‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث سعد بن أبي وقاص <أرْكُد بهم في الأولَيْين وأحْذف في الأخْرَيَيْن> أي أسْكن وأُطِيل القِيام في الركعتين الأوليين من الصلاة الرباعية، وأخَفّف في الأخْرَيَين

‏{‏ركز‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث الصدقة <وفي الرِّكاز الخمس> الرِّكاز عند أهل الحِجاز‏:‏ كُنوز الجاهلية المدْفونة في الأرض، وعند أهل العِراق‏:‏ المعَادِن، والقَوْلان تَحْتَمِلُهما اللغة؛ لأنّ كلّاً مِنهما مَرْكوز في الأرض‏:‏ أي ثابِت‏.‏ يقال رَكَزه يَرْكُزه رَكْزاً إذا دَفَنه، وأرْكَز الرجُل إذا وجَد الرِّكَاز‏.‏ والحديث إنَّما جاء في التفسير الأوّل وهو الكَنز الجاهلي، وإنما كان فيه الخُمس لكثرة نَفْعه وسُهولة أخْذه‏.‏ وقد جاء في مسند أحمد في بعض طُرُق هذا الحديث <وفي الرَّكائز الخمس> كأنها جمع رَكِيزة أو رِكازَه، والرَّكِيزة والرِّكزة‏:‏ القطعه من جواهر الأرض المَرْكُوزَة فيها‏.‏ وجمع الرِّكْزَة رِكَاز‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث عمر <إن عبْداً وجد رِكُزة على عَهْده فأخذها منه> أي قطْعة عظيمة من الذهب‏.‏ وهذا يَعْضُد التفسير الثاني‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث ابن عباس في قوله تعالى <فَرَّت من قَسْوَرة> قال‏:‏ هو رِكْز الناس> الرِّكْز‏:‏ الحس والصَّوت الخَفِيُّ، فجعل القَسْوَرَةَ نَفْسَها رَكْزاً‏.‏ لأنّ القَسْورة جماعة الرّجال وقيل جماعة الرُّماة، فسَّماهم باسم صَوْتهم، وأصْلُها من القَسْر وهو القَهْر والغَلبة‏.‏ ومنه قيل للأسَد قَسْورَة‏.‏

‏{‏ركس‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث الاستنجاء <إنه أُتِي بِرَوْث فقال إنه رِكْس> هو شَبِيه المَعْنى بالرَّجيع، يقال رَكَسْت الشيء وأرْكَسْته إذا رَدَدْتَه وَرَجْعته‏.‏ وفي رواية <إنه رِكيس> فَعِيل بمعنى مفعول‏.‏

ومنه الحديث <اللهم ارْكُسْهمَا في الفِتْنة رَكْسا> ‏.‏

‏(‏س‏)‏ والحديث الآخر <الفِتَن تَرْتَكِس بين جَراثِيم العرَب> أي تَزْدَحِم وتَتَردّد‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <أنه قال لِعَدِيّ بن حاتم: إنك من أهل دِينٍ يقال لهم الرَّكُسِيَّة> هو دين بَيْن النصارى والصابئين‏.‏

‏{‏ركض‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث المستحاضة <إنما هي رَكْضَةٌ من الشيطان> أصْل الرَّكْض‏:‏ الضَّرب بالرجْل والإصابة بها، كما تُرْكَض الدَّابة وتُصَاب بالرّجْل، أراد الأضْرارَ بها والأذَى‏.‏ والمعنى أن الشيطان قد وَجَد بذلك طريقا إلى التَّلْبيس عليها في أمر دِينها وطُهْرها وصلاتها حتى أنْساها ذلك عادتَها، وصار في التقدير كأنه رَكْضة بآلة من رَكضاته‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث ابن عمرو بن العاص <لنْفسُ المؤمن أشدُّ ارْتِكاضاً على الذّنْب من العُصْفور حين يُغْدَف به> أي أشدّث حَركة واضْطَراباً‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفي حديث عمر بن عبد العزيز <قال: إنَّا لمَّا دَفنَا الوليد ركَض في لَحْده> أي ضَرب برجِلْه الأرض‏.‏

‏{‏ركع‏}‏*في حديث علي قال‏:‏ <نَهَاني أن أقْرأ وأنا راكع أو ساجد> قال الخطابي‏:‏ لمَّا كان الركوع والسجود - وهُما غاية الذُّل والخُضوع - مَخْصوصين بالذِكر والتسبيح نهاه عن القراءة فيهما، كأنه كَره أن يَجْمع بين كلام اللّه تعالى وكلام الناس في مَوْطِن واحدٍ؛ فيكَونان على السَّواء في المحل والمَوْقِع‏.‏

‏{‏ركك‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <إنه لَعن الرُّكَاكة> هو الدَّيُّوث الذي لا يغَار على أهلِه، سَمَّاه رُكاكة على المُبالغة في وصْفِه بالرُّكاكة، وهي الضَّعف، يقال رجُل رَكِيك ورُكاكة‏:‏ إذا اسْتَضْعَفَتْه النساء ولم يَهَبْنَه ولا يغَار عليهن، والهاء فيه للمبالغة‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <إنه يُبْغِض الوُلاة الرَّكَكَة> جمْع ركِيك، مِثْل ضَعيف وضَعَفَة، وزْناً ومَعْنىً‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <إن المسلمين أصابهم يوم حُنين رَكٌّ من مَطر> هو بالكسر والفتح‏:‏ المطر الضعيف؛ وجمْعه رِكاك‏.‏

‏{‏ركل‏}‏*فيه <فرَكَلَه برجله> أي رَفَسه‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث عبد الملك <أنه كتَب إلى الحجَّاج: لأرْكُلَنَّك رَكْلة> ‏.‏

‏{‏ركم‏}‏*في حديث الاستسقاء <حتى رأيت رُكاما> الرُّكام‏:‏ السَّحاب المُتراكِب بعضُه فوق بعض‏.‏

ومنه الحديث <فجاء بعُود وجاء بِبَعْرة حتى رَكَمُوا فصارا سَواداً> ‏.‏

‏{‏كن‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنه قال: رحِم اللّه لُوطاً؛ إن كان لَيأوِي (في الأصل: أنه كان يأوي. وما أثبتناه في ا واللسان والهروي) إلى رُكْن شديد> أي إلى اللّه تعالى الذي هو أشدُّ الأركان وأقْواها، وإنما تَرَحَّم عليه لسَهْوِه حين ضاق صدْرُه من قومه حتى قال <أوْ آوِي إلى رُكْن شديد> أراد عِزَّ العشِيرة الذين يُستَنَدُ إليهم كما يستند إلى الرُّكْن من الحائط‏.‏

وفي حديث الحساب <ويقال لأرْكانه انْطِقي> أي لجَوارِحه‏.‏ وأركانُ كل شيء جَوانِبُه التي يَسْتَند إليها ويَقوم بها‏.‏

‏(‏ه س‏)‏ وفي حديث حَمْنة <كانت تجلس في مِرْكن أختِها (هي زينب، كما ذكر الهروي) وهي مُستَحاضة> المِرْكَن بكسر الميم‏:‏ الإجَّانة التي يُغْسَل فيها الثياب‏.‏ والميم زائدة، وهي التي تَخُصّ الالآت‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عمر <دخَل الشام فأتاه أُرْكُون قَرْية فقال: قد صَنَعْت لك طَعاما> هو رئيسها ودِهْقانُها الأعظم، وهو أُفْعُول من الرُّكون‏:‏ السُّكون إلى الشيء والمَيْل إليه؛ لأن أهلها إليه يَرْكَنون‏:‏ أي يَسْكنون ويَمِيلون‏.‏

‏{‏ركا‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث المُتشَاحِنَيْن <أرْكُوا هذين حتى يَصْطلِحا> يقال رَكاه يَرْكُوه إذا أخَّره‏.‏ وفي رواية <اتْرُكوا هذين> من التَّرك‏.‏ ويروى <ارْهكوا هذين> بالهاء‏:‏ أي كلّفوهما وألزموهما، من رَهَكْتُ الدابَّة إذا حَمْلنَ عليها في السَّير وجَهَدْتَهأ‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث البراء <فأتَيْينا على رَكِيّ ذَمَّة> الرَّكيُّ‏:‏ جنس للرَّكِيَّة، وهي البئر، وجمعها رَكايا‏.‏ والذَّمَّة‏:‏ القليلة الماء‏.‏

ومنه حديث علي <فإذا هو في رَكِيّ يَتَبرَّد> وقد تكرر في الحديث مفردا ومجموعا‏.‏

وفي حديث جابر <أنه أتى النبي صلى اللّه عليه وسلم بِرَكْوة فيها ماء> الرَّكْوة‏:‏ إناء صغير من جِلْدٍ يُشْرب فيه الماء، والجمع رِكاء‏.‏

 باب الراء مع الميم

‏{‏رمث‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <إنَّا نَركَب أرْماثاً في البحر> الأرماث‏:‏ جمع رَمَث - بفتح الميم - وهو خَشَب يُضَم بعضُه إلى بعض ثم يُشَدُّ ويُرْكَب في الماء، ويُسَمر الطَّوْف، وهو فَعَل بمعنى مَفْعول، من رَمَثْت الشيء إذا لَممْتَه وأصْلَحته‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث رافع بن خَديج وسُئل عن كِراء الأرض البَيْضاء بالذَّهب والفضة فقال‏:‏ <لا بأس، إنَّما نُهي عن الإرْماث> هكذا يُروى، فإن كان صحيحا فيكون من قولهم‏:‏ رمَثْت الشيء بالشيء إذا خَلَطْته، أو من قولهم‏:‏ رمَث عليه وأرمَث إذا زَاد، أو من الرَّمَث وهو بَقِيَّة اللّبن في الضَّرع‏.‏ قال‏:‏ فكأنه نُهي عنه من أجْل اختلاط نَصِيب بعضهم ببعْض، أو لزيادةٍ يأخذها بعضُهم من بعض، أو لإبْقاء بعضهم على البَعْض شيئاً من الزَّرْع‏.‏ واللّه أعلم‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث عائشة <نَهيْتُكم عن شُرب ما في الرِّمَاث والنَّقِير> قال أبو موسى‏:‏ إن كان اللّفظ مَحْفوظا فلَعلَّه من قولهم‏:‏ حَبلٌ أرْماثٌ‏:‏ أي أرْمَامٌ، ويكون المراد به الإنَاء الذي قد قَدُم وعَتُق، فَصارت فيه ضَرَاوة بما يُنْبَذُ فيه، فإنَّ الفسّاد يكون إليه أسْرَع‏.‏

‏{‏رمح‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <السُّلْطان ظِلُّ اللّه ورمُحه> اسْتَوْعَب بهاتَين الكلِمَتين نَوْعَيَ ما عَلى الوّالي للرَّعِية‏:‏ أحدُهما الانْتِصار من الظالم والإعانة، لأنَّ الظِّل يُلْجأ إليه من الحرارة والشَّدِّة، ولهذا قال في تمامه‏:‏ <يأوِي إليه كلُّ مَظْلوم> والآخر إرْهاب العَدوِّ؛ لَيْرتَدِع عن قصْد الرَّعيَّة وأذاهُم فيأمَنوا بمكانه من الشّرِّ‏.‏ والعَربُ تجعل الرُّمح كناية عن الدَّفْع والمَنْع‏.‏

‏{‏رمد‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <قال: سألت ربِّي أن لا يُسَلِّط على أمَّتي سَنَة فتُرْمِدَهُم فأعْطانِيها> أي تُهْلِكهم‏.‏ يقال رمَده وأرْمَده إذا أهْلكه وصيَّره كالرَّماد‏.‏ ورَمد وأرْمد إذا هَلك‏.‏ والرمْدُ والرَّمادة الهلاك‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث عمر <أنه أخَّر الصَّدقة عامَ الرَّمادة> وكانت سَنة جَدْب وقَحْط في عَهْده فلم يأخُذْها منهم تَخْفِيفا عنهم‏.‏ وقيل سُمِّي به لأنهم لمَّا أجْدَبوا صارت ألوانُهم كلَون الرَّمَاد‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث وَافِد عاد <خُذْهَا رَمَاداً رِمْدِداً، لا تَذَرْ مِن عادٍ أحَداً> ‏.‏

الرَّمْدِد بالكسر‏.‏ المُتَناهي في الاحتراق والدِّقة، كما يقال لَيْلٌ أَلْيَل ويَوْمٌ أيوَم إذا أرادُوا المبالغة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث أم زرع <زَوْجي عَظِيم الرماد> أي كثير الأضْياف والإطْعام؛ لأن الرماد يكْثُر بالطَّبْخ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عمر <شَوَى أخوك حتى إذا أنْضَجَ رَمَّد> أي ألقاه في الرماد، وهو مَثل يُضرب للذي يَصْنع المعروف ثم يُفْسِده بالمِنَّة أو يَقْطعه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث المعراج <وعليهم ثيابٌ رُمْد> أي غُبْر فيها كُدورَة كلَون الرماد، وَاحِدها أرْمَد‏.‏

وفيه ذكر <رَمد> بفتح الراء‏:‏ ماءٌ أقْطَعه النبي صلى اللّه عليه وسلم جَمِيلا العدَوِيَّ حين وَفَد عليه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث قتادة <يَتَوضَّأ الرَّجُل بالماء الرَّمِد> أي الكَدِر الذي صار على لون الرماد‏.‏‏{‏رمرم‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث الهِرَّة <حَبَستْها فلا أَطْعَمَتْها ولاَ أَرْسَلَتْها تُرَمْرِمُ من خَشَاش الأرض> أي تأكل‏.‏ وأصْلها من رَمَّت الشاة وارْتَمَّت من الأرض إذا أكلَت‏.‏ والمِرَمَّة - من ذوات الظِّلْف - بالكسر والفتح كالفم من الإنسان‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عائشة <كان لآل رسول الله صلى الله عليه وسلم وحْشٌ، فإذا خرج - تعني النبي صلى الله عليه وسلم - لَعب وجاء وذَهب، فإذا جاء ربَض فلم يتَرَمْرَمْ ما دام في البيت> أي سكن ولم يتحرّك، وأكثر ما يُسْتعمل في النَّفي ‏(‏قال الهروي‏:‏ ويجوز أن يكون مبنيا من رام يريم، كما تقول‏:‏ خضخضت الإناء، وأصله من خاض يخوض‏.‏ ونخنخت البعير، وأصله أناخ‏)‏‏.‏

‏{‏رمس‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث ابن عباس <أنه رامَس عُمر بالجُحْفة وهما مُحْرِمان> أي أدْخَلا رُؤوسَهما في الماء حتى يُغَطِّيهما‏.‏ وهو كالغَمْس بالغين‏.‏ وقيل هو بالراء‏:‏ أن لا يُطِيل اللُّبْث في الماء، وبالْغَين أن يُطيله‏.‏

‏[‏ه‏]‏ ومنه الحديث <الصائم يَرْتَمس ولا يَغْتَمِس>‏.‏

ومنه حديث الشعبي<إذا ارْتَمَس الجُنُب في الماء أجْزَأهُ ذلك>‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث ابن مغفَّل <ارْمُسوا قْبري رَمساً> أي سَوُّوه بالأرض ولا تَجعلوه مُسَنَّما مُرتْفَعِا‏.‏ وأصل الرمْس‏:‏ السَّتر والتَّغْطِية‏.‏ ويقال لَما يُحْثَى على القبر من التراب رَمْس، وللقْبر نفْسه رَمْس‏.‏

وفيه ذكر <رَامِس> هو بكسر الميم‏:‏ موضع في دِيار مُحارِب، كتَب به رسول الله صلى الله عليه وسلم لعُظَيم بن الحارث المحارِبي‏.‏

‏{‏رمص‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث ابن عباس رضي الله عنهما <كان الصِّبيان يُصْبِحُون غُمْصاً رُمْصاً، ويُصْبح رسول الله صلى الله عليه وسلم صَقِيلاً دَهِيناً> أي في صِغَره‏.‏ يقال غَمِصَت العَين ورَمِصَت، من الغَمَص والرمَص، وهو البياض الذي تَقْطَعه العين ويجتمع في زوايا الأجفان، والرمص‏:‏ الرطْب منه، والغَمص‏:‏ اليابس، والغُمْص والرُّمْص‏:‏ جمع أغْمَص وأرْمَص، وانْتَصبا على الحال لاَ على الخبَر، لأن أصْبح تامَّة، وهي بمعنى الدُّخول في الصباح‏.‏ قاله الزمخشري‏.‏

ومنه الحديث <فلم تَكْتَحِل (هي صفية بنت أبي عبيد. كما في الفائق 1/244) حتى كادت عَيْناها تَرْمَصان> ويروى بالضاد، من الرمْضاء‏:‏ شدّة الحرّ، يعنى تَهيج عَيْناها‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث صَفِيَّة <اشْتَكت عينَها حتى كادت ترْمَص> وإن رُوى بالضاد أراد حتى تَحْمَى‏.‏

‏{‏رمض‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <صلاة الأوّابِين إذا رَمِضَت الفِصال> وهي أن تَحْمَى الرَّمْضاء وهي الرّمْل، فتَبْرك الفِصال من شدّة حرِّها وإحْراقها أخْفافَها‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث عمر رضي اللّه عنه <قال لِرَاعي الشَّاء: عليك الظّلْفَ من الأرض لا تُرَمِّضْها> رَمَّض الراعي ماشِيته وأرْمَضها إذا رعاها في الرمضاء‏.‏

ومنه حديث عقيل <فجعل يَتّتّبَّع القَىْءَ من شدّة الرَمض> هو بفتح الميم‏:‏ المصدر، يقال رَمِض يَرْمَض رَمَضاً‏,‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

ومنه سُمِّى <رَمَضان> لأنهم لمّا نَقَلوا أسماء الشهور عن اللغة القديمة سَمَّوها بالأزمنة التي وَقَعت فيها، فوافَق هذا الشهر أيام شدّة الحرّ ورَمَضِه‏.‏ وقيل فيه غير ذلك‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <إذا مَدَحْتَ الرجُل في وجهه فكأَنما أمْرَرْت على حَلْقه مُوسًى رَميِضاً> الرميض‏:‏ الحديد الماضي، فَعِيل بمعنى مفعول، من رَمَض السّكّينَ يرْمُضُه إذا دَقَّه بين حَجَرَيْن ليَرِقّ؛ ولذلك أوْقَعه صفة للمؤنث‏.‏

‏{‏رمع‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنه اسْتَبَّ عنده رجُلان فغضب أحدهما حتى خُيِّل إلى مَن رآه أنَّ أنْفَه يَتَرمَّع> قال أبو عبيد‏:‏ هذا هو الصواب، والرواية‏:‏ يَتمزَّع‏.‏ ومعنى يَتَرمَّع‏:‏ كأنه يُرْعَد من الغضب‏.‏ وقال الأزهري‏:‏ إن صَحّ يتَمزّع فإن معناه يَتَشَقَّق‏.‏ يقال مَزَعْتُ الشيء إذا قَسَمْته‏.‏ وسيجىء في موضعه‏.‏

وفيه ذكر <رِمَع> هي بكسر الراء وفتح الميم‏:‏ موضع من بلاد عَكٍ باليمن‏.‏

‏{‏رمق‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث طَهْفة <ما لم تُضْمِروا الرِّماق> أي النِّفاق‏.‏ يقال رَامَقه رِماقا، وهو أن يَنْظر إليه شَزْراً نظَر العَداوة، يعني ما لم تَضِق قلوبكم عن الحق‏.‏ يقال عَيْشُه رماق‏:‏ أي ضيّقٌ‏.‏ وعَيْشٌ رَمِقٌ ومُرَمَّق‏:‏ أي يُمْسك الرَّمق، وهو بقية الروح وآخر النَّفس‏.‏

ومنه الحديث <أتَيْتُ أبا جهل وبه رَمقٌ>‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث قُسّ <أرْمُقُ فَدْفَدَها> أي أنْظُر نَظراً طويلاً شَزْراً‏.‏

‏{‏رمك‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث جابر <وأنا على جَمل أرْمَك> هو الذي في لونه كُدُورة‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <اسْم الأرض العُلْيا الرَّمْكاء>، وهو تأنيث الأرْمَك‏.‏ ومنه الرَّامَكِ، وهو شيء أسْود يُخلط بالطِّيب‏.‏

‏{‏رمل‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث أمّ مَعْبَد <وكان القوم مُرملين> أي نَفِدَ زادُهم‏.‏ وأصلُه من الرَّمْل، كأنَّهم لَصِقوا بالرَّمْل، كما قيل للفَقِير التَّرِبُ‏.‏

ومنه حديث جابر <كانوا في سَرِيَّة وأرْمَلُوا من الزَّاد>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وحديث أبي هريرة <كُنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في غَزاة فأرْمَلْنا> وقد تكرر في الحديث عن أبي مُوسَى الأشْعَري، وابن عبد العَزيز، والنَّخعي، وغيرهم‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه <دخلت على رَسُول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وإذا هو جَالس على رُمَالِ سَرِير> وفي رواية <على رُمال حَصِير> الرُّمال‏:‏ مَا رُمِلَ أي نُسِج‏.‏ يقال رَمَل الحَصِيرَ وأرْمَله فهو مَرْمُولق، ورَمَّلْته، شُدّد للتكثير‏.‏ قال الزمخشري‏:‏ ونظيره‏:‏ الحُطام والرُّكام، لشماَ حُطِم ورُكم‏.‏ وقال غيره‏:‏ الرمال جمعُ رَمل بمعنى مَرمُول، كَخَلْق اللّه بمعنى مَخْلُوقه‏.‏ والمراد أنه كان السريرُ قد نُسِج وجْهُه بالسَّعَف، ولم يكن على السَّرير وِطاء سوى الحَصِير‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

وفي حديث الطواف <رمَل ثلاثاً ومَشَى أرْبعا> يقال رَمَل يَرمُل رَمَلا ورَمَلانا إذا أسرع في المشْي وهَزَّ منكبَيه‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث عمر <فِيمَ الرَّمَلانُ والكشْفُ عن المناكِب وقد أطَّأ اللّه الإسلام؟ > يكثُر مجىء اَلمصْدر على هذا الوَزْن في أنْواعِ الحَركةِ، كالنَّزَوَان، والنَّسَلان، والرَّسَفان وأشباه ذلك‏.‏ وحكى الحربى فيه قولا غريباً قال‏:‏ إنه تَثْنيَة الرَّمَل، وليس مَصْدرا، وهو أن يَهُزَّ منْكبيه ولا يُسْرِع، والسَّعى أن يُسْرِع في المشْى، وأراد بالرمَلين الرَّمَل والسَّعى غُلِّبَ الأخَفُّ فقيل الرملان، كما قالوا القَمَران، والعُمَران، وهذا القول من ذلك الإمام كما تراه، فإن الحال التي شُرع فيها رَمَلُ الطواف، وقول عُمَر فيه ما قال يشهد بخلافه؛ لأنَّ رمَل الطَّواف هو الذَّي أمَر به النبي صلى اللّه عليه وسلم أصحابه في عُمْرة القَضَاء؛ ليُرِىَ المشركين قوّتهم حيث قالوا وخَنَتْهم حُمَّى يَثْرِبَ، وهو مسْنُون في بعض الأطواف دُون البَعْض‏.‏ وأما السعى بين الصفا والمروة فهو شِعار قديم من عهدِ هَاجَر أمّ إسماعيل عليهما السلام، فإذاً المرادُ بقول عُمَر رَمَلانُ الطواف وحده الذي سُنَّ لأجل الكفار، وهو مصْدر‏.‏ وكذلك شَرَحه أهل العلم لا خلافَ بينَهم فيه، فليس للتثنية وجهٌ‏.‏ واللّه أعلم‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث الحُمُر الأهلية <أَمر أن تُكفأ القُدُور وأن يُرَمَّل اللحمُ بالتُّراب> أي يُلَتَّ بالرمل لئلا يُنْتَفع به‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث أبي طالب يمدح النبي صلى اللّه عليه وسلم‏:‏

وأبْيض يُسْتسْقى الغَمَامُ بوجْهِه ** ثِمَالُ اليتَامَى عِصْمَةٌ لِلأَرَامِل

الأرَامِل‏:‏ المسَاكين من رِجال ونِسَاءٍ‏.‏ ويقال لكُلّ واحدٍ من الفَرِيقَين على انْفرَاده أرَامِلُ، وهو بالنَّساء أخَصُّ وأكثر استعمالاً، والواحدُ أرْمل وأرْمَلة‏.‏ وقد تكرر ذِكْر الأرْمَل والأرْمَله في الحديث‏.‏ فالأرْمَل الذي ماتت زوجتُه، والأرْمَله التي مات زوجها‏.‏ وسواءٌ كانا غَنِيَّين أو فقِيرَيْن‏.‏

‏{‏رمم‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <قال: يا رسول اللّه كيف تُعْرَض صلاتُنا عليك وقد أرَمَّتَ> قال الحربىّ‏:‏ هكذا يرويه المُحدِّثون، ولا أعرف وجهَه، والصوابُ‏:‏ أرَمَّتْ، فتكونُ التاء لتأنيث العظام، أوْ رَمِمْتَ‏:‏ أي صِرْتَ رَمِيما‏.‏ وقال غيُره‏:‏ إنما هو أرَمْتَ بوزْن ضَرَبْتَ‏.‏ وأصله أرْمَمْتَ‏:‏ أي بَلِيتَ، فحُذِفت إحْدَى المِيمَينِ، كما قالوا أحَسْتَ في أحْسَسْت‏.‏ وقيل‏:‏ إنما هو أرْمَتَّ بتشديد التاء على أنه أدغم إحدى الميمين في التاءِ، وهذا قولٌ ساقط؛ لأن الميمَ لا تُدْغَم في التاء أبدا‏.‏ وقيل‏:‏ يجوز أن يكونَ أُرِمْتَ بضم الهمزة بوزن اُمِرْتَ، من قولهم أَرَمِت الإبل تَأرِمُ إذا تناَوَلَت العَلَف وقَلعَتْه من الأرض‏.‏

قلت‏:‏ أصل هذه الكلمة من رَمَّ الميّتُ، وأرَمَّ إذا بَلِىَ‏.‏ والرِّمَّة‏:‏ العظْمُ البالِي، والفعل الماضي من أرَمَّ للمتكلم والمُخاطب أرْمَمْتُ وأرْمَمْتَ بإظهار التضعيف، وكذلك كلّ فِعْل مُضَعّف فإنه يظهر فيه التضعيفُ معهما، تقول في شَدَّ‏:‏ شَدَدْت، وفي أعَدَّ‏:‏ أعدَدْت، وإنما ظهرَ التضعيفُ لأن تاء المُتَكلم والمُخاطب متحركة ولا يكونُ ما قبلهما إلاَّ ساكنا، فإذا سَكَن ما قَبْلها وهي الميمُ الثانية الْتقَى ساكنان، فإن الميمَ الأُولى سكنَت لأجْل الإدغام ولا يُمْكِن الجمع بين ساكنَين، ولا يجوزُ تحريك الثاني لأنه وجَب سكونه لأجل تاءِ المتكلم والمخاطب، فلم يَبْق إلا تحريكُ الأوّل، وَحيث حُرِّك ظَهر التضعيفُ، والذي جاء في هذا الحديث بالإدْغام، وحيث لم يظهر التضعيف فيه على ما جاء في الرِواية احتاجوا أن يَشدِّدوا التاء ليكون ما قبلها ساكنا حيثُ تعذر تحريكُ الميم الثانية، أو يتركوا القياسَ في التزام ما قَبْل تاءِ المُتَكلم والمخاطب‏.‏

فإن صحَّت الرِّواية ولم تكن مُحرَّفة فلا يمكن تَخريجُه إّلا على لغة بعض العرب، فإن الخليلَ زعمَ أن ناساً من بَكْر بن وائل يقولون‏:‏ ردَّتُ وَرَدَّتَ، وكذلك مع جماعة المؤنث يقولون‏:‏ رُدَّنَ ومُرَّن، يُريدون رَدَدتُ ورَدَدْتَ، وارْدُدْنَ وامْرُرْن‏.‏ قال‏:‏ كأنهم قَدَّروا الإدغامَ قبل دخول التاء والنون، فيكون لفظ الحديث‏:‏ أرَمَّتَ بتشديد الميم وفتح التاء‏.‏ واللّه أعلم‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث الاستنجاء <أنه نَهضى عن الاستنجاء بالرَّروثِ والرِّمَّة> والرَّميم‏:‏ العظْم البالِي‏.‏ ويجوز أن تكون الرِمّة جمعَ الرَّميم، وإنما نَهَى عنها لأنها ربما كانت مَيْتة، وهي نَجِسة، أو لأن العظمَ لا يقوم مقام الحجر لملاَسته‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه <قبل أن يكون ثُماما ثم رُماما> الرُّمام بالضم‏:‏ مبالغة في الرميم، يريد الهشيمَ المُتَفتِّت من النَّبت‏.‏ وقيل هو حين تَنْبت رُؤسُه فتُرَمُّ‏:‏ أي تُؤكَل‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <أيُّكم المتكلم بكذا وكذا؟ فأرَمَّ القومُ> أي سَكَتوا ولم يجيبوا‏.‏ يقال أرَمّ فهو مُرِمٌّ‏.‏ ويُروى‏:‏ فأزَمَ بالزاي وتخفيف الميم، وهو بمعناه؛ لأنّ الأزْمَ الإمساكُ عن الطعام والكلام، وقد تقدّم في حرف الهمزة‏.‏

ومنه الحديث الآخر <فلما سمعوا بذلك أرَمُّوا ورَهِبُوا> أي سَكَتوا وخافوا‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث علي رضي اللّه عنه يذُمُّ الدنيا <وأسبابُها رِمام> أي باليةٌ، وهي بالكسر جمع رُمَّة بالضم، وهي قِطْعة حبل باليِة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث علي <إن جاء بأربعةٍ يَشهدون وإلاّ دُفع إليه بِرُمّته> الرُّمة بالضم‏:‏ قِطعة حَبْل يُشَدُّ بها الأسِير أو القاتل إذا قيدَ إلى القصاص‏:‏ أي يُسَلَّم إليهم بالحَبْل الذي شُدّ به تَمْكينا لهم منه لئلا يَهْرُب، ثم اتَّسُعوا فيه حتى قالُوا أخَذْت الشيء برُمّته‏:‏ أي كُلَّه‏.‏

وفيه ذكر <رُمّ> بضم الراء وتشديد الميم، وهي بئر بمكة من حَفْر مُرَّة بن كعب‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث النعمان بن مُقَرِّن <فلينظر إلى شَسْعِه وَرَمِّ ما دثَر من سلاحه> الرَّمُّ‏:‏ إصلاح ما فسدَ ولَمُّ ما تفَرَّق‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <عليكم بألْبان البَقَر فإنها تَرُمّ من كلّ الشجر> أي تأكُلُ، وفي رواية‏:‏ تَرْتمُّ، وهي بمعناه، وقد تقدمَّ في رَمْرَم‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث زياد بن حُدَير <حَملْتُ على رِمٍّ من الأكْرَاد> أي جماعة نُزُولٍ، كاَلحىّ من الأعْراب‏.‏ قال أبو مُوسى‏:‏ وكأنه اسم أعجمي ويجوزُ أن يكونَ من الرِّمِّ، وهو الثَّرَى‏.‏ ومنه قولهم‏:‏ جاء بالطَّم والرِّمِّ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث أم عبد المطلب جَدّ النبي صلى اللّه عليه وسلم <قالت حين أخذَه عمُّ المطلب (في الأصل: عبد المطلب. والمثبت من ا واللسان) منها: كأنها أرادَت كُنَّا ذَوِي ثُمِّهِ ورُمِّهِ> يقال مالَه ثُمٌّ ولا رُمٌّ، فالثُّم قُماش البيت، والرُّم مَرمَّة البيْت كأنها أرادَت كنَّا القائمين بأمْره مُنْذ وُلد إلى أن شَبَّ وقوىَ‏.‏ وقد تقدم في حَرْف الثّاء مبسوطا‏.‏

وهذا الحديث ذكره الهروي في حرف الراء من قول أمّ عبد المُطَّلب، وقد كان رواه في حرف الثاء من قول أخْوال أُحَيحَة بن الجُلاَح فيه، وكذا رواه مالكٌ في المُوَطَّأ عن أحَيحَة، ولعله قد قيل في شأنهما مَعاً، ويشهد لذلك أن الأزْهَرىَّ قال‏:‏ هذا الحرفُ رَوَتْه الرُّواة هكذا، وأنكرَره أبو عبيد في حديث أحَيحَة، والصحيحُ ما روتْه الرواةُ‏.‏

‏{‏رمن‏}‏ * في حديث أم زَرْع <يلْعَبان من تحت خَصْرها برُمَّانتين> أي أنها ذَاتُ ردْف كَبير، فإذا ناَمَت على ظَهْرها نَبَا الكَفَل بها حتى يَصِير تحتها مُتَّسَع يَجْرِي فيه الرُّمان، وذلك أن ولَديها كان مَعَهُما رُمَّانَتان، فكان أحدهما يَرْمى رُمَّانَته إلى أخيه، ويَرِمْى أخُوه الأخرى إليه من تَحْت خَصْرها‏.‏

‏{‏رمى‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه يَمْرُقُون من الدين كما يَمرُقُ السَّهم من الرَّميَّة> الرَّمية‏:‏ الصَّيدُ الذي تّرْميه فتقْصدُه وينفّذُ فيه سهْمُك‏.‏ وقيل هي كل دابَّة مَرْمية‏.‏

وفي حديث الكسوف <خرجتُ أرْتَمى بأسْهُمِى> وفي رواية أترَامَى‏.‏ يقال رَمَيت بالسَّهم رَمْيا، وارتَميت، وتَرَاميت تَراميا، ورَامَيت مُرَاماة؛ إذا رَمَيت بالسهام عن القِسِىّ‏.‏ وقيل خَرجْت ارتَمى إذا رَمَت القَنَص، وأتَرمى إذا خَرجت ترمى في الأهداف ونحوها‏.‏

ومنه الحديث <ليس وراءَ اللّه مَرْمًى> أي مقْصِد تُرْمَى إليه الآمَالُ ويوجَّه نحوَه الرَّجاءُ‏.‏ والمرْمَى‏:‏ موضع الرمى، تشبيها بالهدَف الذي تُرْمى إليه السّهام‏.‏

وفي حديث زيد بن حارثة رضي اللّه عنه <أنه سُبِى في الجاهلية، فَتَرَامَى به الأمرُ إلى أن صارَ إلى خَديجة رضي اللّه عنها، فوهَبتْه للنبي صلى اللّه عليه وسلم فأعتَقَه> ترامَى به الأمرُ إلى كذا‏:‏ أي صَارَ وَأفْضَى إليه، وكأنه تفَاعَل من الرَّمْى‏:‏ أي رمته الأقدارُ إليه‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <من قُتل في عِمِّيَّة في رِمِّيَّا تكونُ بينهم بالحجَارة> الرِّمّيَّا بوزن الهجِّيَرا والخِصِّيصاَ، من الرَّمْى، وهو مصدرٌ يُراد به المُباَلغة‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث عَدِىّ الجُذامى <قال: يا رسول اللّه كان لي امْرَأتان فاقْتَتلتَا، فرَمَيت إحدَاهما، فرُمِى في جَنازتها، أي ماتَت، فقال: اعْقِلْها ولا تَرِثْها> يقال رُمى في جناَزة فلان إذا ماتَ؛ لأنَّ جناَزَته تصير مَرْميًّا فيها‏.‏ والمُراد بالرَّمْى‏:‏ الحملُ والوضْع، والفعلُ فاعلُه الذي أُسْنِد إليه هو الظَّرفُ بعَيْنه، كقولك سِيرَ بِزَيد، ولذلك لم يُؤَنَّث الفعل‏.‏ وقد جاء في رواية‏:‏ فرُميَت في جناَزتها بإظْهار التاء‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عمر <إنى أخاف عليكم الرَّماَء> يعني الرّبا‏.‏ والرَّماء بالفتح والمدّ‏:‏ الزيادةُ على ما يَحل‏.‏ ويُروى‏:‏ الإرْماء‏.‏ يقال أرْمَى على الشَّىء إرْماَء إذا زَادَ عليه، كما يقال أرْبَى‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث صلاة الجماعة <لو أن أحَدَهم دُعِى إلى مِرْماَتين لأجابَ وهو لا يُجِيب إلى الصلاة> المِرْماة‏:‏ ظِلفُ الشَّاة‏.‏ وقيل ما بين ظِلْفَيْها، وتُكْسر ميمه وتُفتح‏.‏ وقيل المِرْماَة بالكسر‏:‏ السَّهم الصغير الذي يُتَعلَّم به الرَّمى، وهو أحْقَر السّهام وأدْناها ‏(‏قال السيوطي في الدر النثير‏:‏ وقيل‏:‏ هي لعبة كانوا يلعبون بها بنصال محددة يرمونها في كوم من تراب فأيهم أثبتها في الكوم غلب‏.‏ حكاه ابن سيد الناس في شرح الترمذي عن الأخنس‏)‏‏:‏ أي لو دُعِى إلى أن يُعْطَى سَهْمَين من هذه السِّهام لأسْرَع الإجابة‏.‏ قال الزمخشري‏:‏ وهذا ليس بوَجيه، ويَدْفَعُه قوله في الرواية الأخْرى <لو دُعِى إلى مِرْماَتين أو عَرْق> وقال أبو عبيد‏:‏ هذا حرْف لا أدْرِى ما وجْهُه، إلا أنه هذا يُفَسَّر بِما ظِلْفَى الشَّاة، يُريد به حَقَارَته‏.‏

 باب الراء مع النون

‏{‏رنح‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث الأسْود بن يَزيد <أنه كانَ يصُوم في اليوم الشَّديد الحرّ الذي إنَّ الجَمل الأحْمر ليُرنّح فيه من شِدّة الحرِّ> أي يُدارُ به ويَخْتلِط‏.‏ يقال رُنِّح فلان تَرْنيحاً إذا اعْتَراه وَهْنٌ في عِظامِه من ضَرْب، أن فَزَع، أو سُكْر‏.‏ ومنه قولهم‏:‏ رنَّه الشرابُ، ومن رواه يُريح - بالياء - أراد يَهْلِك، من أرَاح الرَّجل إذا مات‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث يزيد الرَّقاشى <المريض يُرَنَّح والعَرَق من جَبينه يَتَرشَّح>‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث عبد الرحمن بن الحارث <أنه كان إذا نَظَر إلى مَالك بن أنس قال: أعوذُ باللّه من شرّ ما تَرنَّح له> أي تَحَّرك له وطلبه‏.‏

‏{‏رنف‏}‏*فيه <كان إذا نَزَل عليه الوحىُ وهو على القَصْواءِ تَذْرِفُ عيناها وتُرْنِف بأذُنَيها من ثِقَل الوَحْى> يقال أرْنَفتِ الناقةُ بأذُنَيها إذا أرْخَتْهما من الإعياَءِ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عبد الملك <أنّ رجلا قال له: خَرجَتْ بي قَرْحَة، فقال له: في أيِّ موضِع من جَسَدك؟ فقال: بين الرَّانِفَة والصَّفَن: فأعجَبه حُسْن ما كنَى به> الرَّانِفَة‏:‏ ما ساَل من الألْية على الفَخِذَين، والصَّفَنُ‏:‏ جلْدَة الخُصْيَة‏.‏

‏{‏رنق‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه أنه ذكر النَّفْخ في الصُّور فقال <تَرْتَجُّ الأرضُ بأهْلِها فتكونُ كالسَّفينة المُرنِّقة في البَحْر تَضْرِبُها الأمواجُ> يقال رنَّقَت السفينة إذا دَارَت في مكاَنها ولم تَسِر‏.‏ والتَّرنِيقُ‏:‏ قيامُ الرجل لا يَدْرِى أيَذْهَب أم يَجِىء‏,‏ ورَنَّق الطائر‏:‏ إذا رَفْرف فوقَ الشىء‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث سليمان عليه السلام <احشروا الطَّيرَ إلاَّ الرَّنقاَء> هي القاعدة على البَيْض‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث الحسن <وسُئل: أيَنْفُخ الرجُل في الماَءِ؟ إن كانَ من رَنَقٍ فلا بأسَ> أي من كَدَر‏.‏ يقال ماء رَنْق بالسكون، وهو بالتَّحريك المصدرُ‏.‏

ومنه حديث ابن الزبير <وليس للشَّارب إلاَّ الرَّنْق والطَّرْق>‏.‏

‏{‏رنم‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <ما أذِنَ اللّه لشىْ إذْنَه لِنَبِىٍّ حَسَنِ التَّرنُّم بالقرآن> وفي رواية <حَسَن الصَّوت يتَرنَّم بالقرآن> التَّرنم‏:‏ التَّطريبُ والتَّغَنّى وتَحْسِين الصَّوت بالتِّلاوة، ويُطْلق على الحَيَوان والجَماد، يقال تَرَنَّم الحَمام والقَوسُ‏.‏

‏{‏رنن‏}‏ *فيه<فتَلقَّانى أهلُ الحىِّ بالرَّنِين> الرَّنِينُ‏:‏ الصَّوتُ، وقد رَنَّ يَرِنُّ رَنيناً‏.‏

 باب الراء مع الواو

‏{‏روب‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث الباقر <أتَجْعلون في النَّبيذ الدُّرْدِىَّ؟ قيل : وما الدُّ رْدي؟ قال الرُّوبَةُ، قالوا: نعم> الرُّوبَةُ في الأصْل خَميرة اللَّبَن، ثم تُسْتعمل في كل ما أصْلح شيئاً، وقد تُهمز‏.‏

ومنه الحديث <لا شَوْبَ ولا رَوْب في البَيع والشَّراء> أي لا غِشَّ ولا تَخْليط‏.‏ ومنه قيل للَّبن المْمخُوض‏:‏ رائب؛ لأنه يُخْلط بالماء عند المخْض ليَخْرج زُبْده ‏.‏

‏{‏روث‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث الاستنجاء <نهى عن الرَّروْثِ والرِّمَّة> الروثُ‏:‏ رجيعُ ذوات الحافرِ، والروْثَة أخصُّ منه، وقد رَاثَت تَرُوثُ رَوْثاً‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث ابن مسعود <فأتيتُه بحجَرين ورَوْثةٍ فردّ الروثَةَ>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث حسان بن ثابت <أنه أخْرَج لسانَه فضرَب به رَوثة أنْفه> أي أرنَبتَه وطرَفَه من مقدَّمه‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث مجاهد <في الروثة ثُلُث الدية> وقد تكرر ذكرها في الحديث‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <إن روثَة سيف رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كانت فضَّة

{روح} * قد تكرر ذكر <الرُّوح> في الحديث، كما تكرر في القرآن، وَوَردت فيه على مَعَان، والغالبُ منها أن المرادَ بالرُّوح الذي يقُوم به الجَسَد وتكونُ به الحياةُ، وقد أطلقْ على القرآن، والوَحْى، والرحْمة، وعلى جبريل في قوله تعالى <الروحُ الأمينُ> ورُوح القدس‏.‏ والروح يذكر ويؤنث‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <تحابُّوا بذكر اللّه ورُوحه> أرادَ ما يحيا به الَخْلق ويَهتَدون، فيكون حياةً لهم‏.‏ وقيل أرَادَ أمْرَ النُّبوّة‏.‏ وقيل هو القرآن‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <الملائكة الرُّوحانِيُّون> يروى بضم الراء وفتحها، كأنه نسْبه إلى الرُّوح أو الرَّوح، وهو نسيم الرّيح، والألفُ والنونُ من زيادات النَّسَب، ويريد به أنهم أجسامٌ لَطيفةٌ لا يُدرِكها البصر‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث ضماد <إنى أعَالِجُ من هذه الأرْواح> الأرواحُ ها هنا كِنايةٌ عن الجنِّ، سُمُّوا أرْواحاً لكونهم لا يُرَوْن، فهُم بمنزلة الأرْواحِ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <من قَتَل نَفْسا مُعاَهِدَة لم يَرَحْ رائحةَ الجنَّة> أي لم يَشُم رِيحَها‏.‏ يقال رَاحَ يَريحُ، ورَاحَ يَراحُ، وأرَاحَ يُرِيح‏:‏ إذا وجدَ رائحة الشَّىء، والثلاثةُ قد رُوى بها الحديث‏.‏

وفيه <هَبَّت أرْواحُ النَّصْر> الأرْواحُ جمع رِيح لأنّ أصْلَها الواوُ، وتُجمَع على أرْياح قليلاً، وعلى رياح كثيراً، يقال الرِّيح لآل فُلان‏:‏ أي النَّصر والدَّوْلة‏.‏ وكان لِفُلان رِيح‏.‏

ومنه حديث عائشة رضي اللّه عنها <كان الناس يسكنُون العالية فيحضُرون الجُمعةَ وبِهم وسَخٌ، فإذا أصَابَهم الرَّوْحُ سَطَعت أرواحُهم، فيتأذَّى به النَّاس فأُمِروا بالغُسْل> الرَّوحُ بالفتح‏:‏ نَسِيم الريح، كانوا إذا مرَّ عليهم النَّسيم تَكيَّف بأرْواحِهم وحَمَلها إلى النَّاس‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <كان يقول إذا هاجَتِ الرِّيحُ: اللهم اجْعَلها رِياحا ولا تَجْعلها رِيحاً> العربُ تقول‏:‏ لا تَلْقَحُ السَّحاَب إلا من رِياح مختلفة، يريد اجْعَلها لَقاحاً للسَّحاب، ولا تجعلها عذَابا‏.‏ ويُحقق مَجىءُ الجمع في آيات الرَّحْمَة، والواحد في قِصَص العذَاب، كالريح العَقِيم، ورِيحاً صَرْصَراً‏.‏

وفيه <الريح من رَوْح اللّه> أي من رْحمِته بِعباَده‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <أنّ رجلاً حضَره الموت فقال لأولاده: أحْرِقُوني ثم انظروا يَوماً راحاً فأذْرُوني فيه> يومٌ رَاحٌ‏:‏ أي ذُو رِيح، كقولهم رجُلٌ مالٌ‏.‏ وقيل‏:‏ يومٌ رَاحٌ وليلةٌ رَاحة إذا اشتدَّت الريح فيهما‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <رأيتهم يتروَّحُون في الضُّحَى> أي احتاجُوا إلى التروُّح من الحَرِّ بالمِرْوَحة، أو يكون من الرواح‏:‏ العَوْدِ إلى بيوتهم، أو من طَلَب الراحة‏.‏

‏[‏ه‏]‏ ومنه حديث ابن عمر <ركب ناقَةً فارهة فمشَت به مَشْيا جَيِّدا فقال:

كأنَّ رَاكِبَها غُصْنٌ بمَرْوحَةٍ ** إذا تَدَلَّتْ به أو شاَرِبٌ ثَمِلٌ

المَرْوحة بالْفتح: الموضعُ الذي تَخْتَرقه الريحُ، وهو المرادُ، وبالكسر: الآلَة التي يُتروَّح بها. أخرَجه الهروي من حديث ابن عمر، والزمخشرى من حديث عمر.

(س) وفي حديث قتادة <أنه سُئل عن المَاء الذي قد أرْوَح أيُتَوضَّأ منه؟ فقال: لا بَأس> يقال أرْوحَ الماءُ وأرَاحَ إذا تَغيرت رِيحُه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <من رَاحَ إلى الجُمعة في الساعة الأولى فكانَّما قرَّب بَدَنَة> أي مشَى إليها وذَهَب إلى الصلاة، ولم يُرِد رَواحَ آخِر النَّهار‏.‏ يقال راح القومُ وتَرَوَّحُوا إذا ساَرُوا أيّ وقْت كانَ‏.‏ وقيل أصْل الرَّواح أن يكونَ بعد الزوال، فلا تكونُ الساعات التي عدَّدَها في الحديث إلا في ساعةٍ واحدةٍ من يوم الجُمعة، وهي بَعْد الزوال، كقولك قَعَدْت عندك ساعَةً، وإنما تريد جُزءًا من الزمان وإن لم تَكُن ساعةً حقيقيَّة التي هي جُزءٌ من أربَعَة وعشرين جُزْءًا مَجْمُوع اللَّيل والنهار‏.‏

وفي حديث سَرِقَة الغَنم <ليس فيه قَطْعٌ حتى يُؤْوِيَه المُرَاح> المُرَاح بالضم‏:‏ المَوضِع الذي تَرُوحُ إليه الماشيةُ‏:‏ أي تأوى إليه ليلاً‏.‏ وأما بالفتح فهو المَوضِع الذي يَرُوح إليه القوم أو يَرُوحُون منه، كالَغْدَى، للموضع الذي يُغْدَى منه‏.‏

ومنه حديث أُمِّ زَرْع <وأرَاحَ علىَّ نَعما ثَرِيَّا> أي أعْطاَنى؛ لأنَّها كانت هي مُرَاحا لنَعَمه‏.‏

وفي حديثها أيضاً <وأعْطاَنى من كل رَائِحة زَوجاً> أي مما يَرُوح عليه من أصْناف المَالِ أعْطاني نَصيبا وصِنْفا‏.‏ ويُروى ذابحة بالذال المعجمة والباء‏.‏ وقد تقدّم‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث الزبير <لولا حُدُودٌ فُرِضت وفرائضُ حُدَّت تُرَاحُ على أهْلِها> أي تُرَدُّ إليهم، وأهْلُها هم الأئمة‏.‏ ويجوزُ بالعكس، وهو أنَّ الأئمةَ يردُّونها إلى أهلها من الرَّعية‏.‏

ومنه حديث عائشة <حتى أرَاحَ الحقَّ على أهْله>‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث عقبة <رَوَّحْتُها بالعِشى> أي رَددْتُها إلى المُراح‏.‏

‏(‏س‏)‏ وحديث أبي طلحة <ذاك مالٌ رائحٌ> أي يرُوحُ عليك نَفْعُه وثوابُه، يعنى قُرْبَ وصُوله إليه‏.‏ ويُروى بالباءِ وقد سَبق‏.‏

ومنه الحديث <على رَوْحة مِن المدينة> أي مِقْدار رَوحة، وهي المَّرة من الرواح‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <أنه قال لبلال: أرِحْنا بها يا بلالُ> أي أذِّن بالصلاة نَسْترحْ بأدائِها من شغْل القلب بها‏.‏ وقيل كان اشْتغالُه بالصَّلاة راحةً له؛ فإنه كان يَعّد غيرَها من الأعمال الدُّنيوية تعباً، فكان يَسْتريح بالصلاة لِماَ فيها من مُناَجاة اللّهِ تعالى، ولهذَا قال <قرَّة عيْنِى في الصلاة> وما أقْرَب الرَّاحة من قُرَّة العَين‏.‏ يقال‏:‏ أراح الرجل واستراح إذا رَجَعت نفسُه إليه بعدَ الإعْياءِ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث أم أيمن <إنها عَطِشَت مُهاجِرةً في يوم شَدِيد الحَرّ، فدُلّى إليها دَلْوٌ من السَّماء فشَرِبت حتى أرَاحَت>‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <أنه كان يُرَاوِح بين قدميه من طُول القِياَم> أي يَعْتَمِد على إحدَاهما مرةً وعلى الأخرى مرةً ليُوصل الراحةَ إلى كل منهما‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث ابن مسعود <أنه أبْصَر رجُلا صَافًّا قدَمَيه فقال: لو رَاوَحَ كان أفْضل>‏.‏

ومنه حديث بكر بن عبد اللّه <كان ثابت يُرَاوِح ما بين جَبْهته وقدَميه> أي قائماً وساَجداً، يعني في الصلاة‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث <صلاة التراويح> لأنهم كانوا يَسْتَرِيحُون بين كُلّ تَسْلِيمتَين‏.‏ والتَّراويحُ جمع تَرْويحة، وهي المرَّة الواحدة من الراحة، تَفْعِيلة منها، مِثْل تَسْلِيمة من السَّلام‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي شعر النابغة الجَعْدى يمدح ابن الزبير‏:‏

حَكَيْتَ لنا الصّدّيقَ لما وَلِيتَنا * وعُثْمانَ والفاَرُوقَ فارْتاحَ مُعْدِمُ

أي سَمَحت نفْسُ المُعْدم وسهُل عليه البَذْل‏.‏ يقال‏:‏ رِحْتُ للمعروف أرَاحُ رَيْحاً، وارْتَحْتُ أرْتاحُ ارْتِياحاً، إذا مِلْتَ إليه وأحْبَبْتَه‏.‏

‏[‏ه‏]‏ ومن قولهم <رجُلٌ أرْيَحىُّ> إذا كان سَخِيَّا يَرْتاح للنَّدَى‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفيه <نَهى أن يكتَحِل المُحْرم بالإثْمِد المُروَّح> أي المُطيَّب بالمِسْك، كأنه جُعِل له رائحةٌ تفَوحُ بعد أن لم تَكُن له رائحةٌ‏.‏

ومنه الحديث الآخر <أنه أمَر بالإثْمِد المُرَّوح عند النَّوم>‏.‏

وفي حديث جعفر <ناوَلَ رجُلا ثَوباً جَديدا فقال: اطْوه على رَاحَته> أي على طَيِّه الأوّل‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه <أنه كان أرْوح كأنه راكبٌ والناسُ يَمْشُون> الأرْوحُ الذي تَتَدانى عَقِباه ويتَباَعد صدرَا قَدَميه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <لكأَنّي انظُر إلى كِناَنة بن عبد ياَلِيلَ قد أقبل تضْرِبُ درعُه رَوْحَتى رِجْلَيه>‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <أنه أتى بقَدَح أرْوَح> أي مُتَّسع مبطُوح‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث الأسْود بن يزيدَ <إن الجَمَل الأحْمَر ليُريِح فيه من الحرِّ> الإراحَة ها هنا‏:‏ الموتُ والهلاك‏.‏ ويروى بالنُّون‏.‏ وقد تقَدَّم‏.‏

‏{‏رود‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث علي رضي اللّه عنه، في صفَة الصحابة رضي اللّه عنهم <يَدْخُلون رُوَّاداً ويَخْرُجُون أدِلَّة> أي يَدْخُلُون عليه طاَلِبين العِلْم ومُلْتمِسين الحُكْم من عنده، ويَخْرُجُون أدِلَّة هدَاة للنَّاسِ‏.‏ والرُّوّاد‏:‏ جمع رَائِد، مثلُ زَائِر وزُوَّار‏.‏ وأصلُ الرَّائد الذي يتقَدَّم القوم يُبْصر لهم الكَلأ ومَساقِطَ الغيْث‏.‏ وقد راد يَرُود رِياَدا‏.‏

ومنه حديث الحجاج في صفَة الغيْث <وسَمِعت الرُّوَّاد تدعُو إلى رِيادَتِها> أي تَطلبُ الناس إِليها‏.‏

‏[‏ه‏]‏ ومنه الحديث <الحُمَّى رائد المَوْت> أي رسُوله الذي يتقدَّمه كما يتقدم الرائد قومَه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث المَوْلد <أُعيذُك بالواحدِ، من شرّ كُل حاسِدِ، وكُل خَلْقٍ رَائِدِ> أي مُتَقدم بمكروه‏.‏

‏[‏ه‏]‏ ومنه حديث وَفْد عبد القيس <إنا قرمٌ رَادَة> هو جمع رائِد، كحائِك وحَاكَة‏:‏ أي نَرُود الخَير والدِّين لأهْلنا‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <إذا بالَ أحدُكم فليَرْتَدْ لِبوْله> أي يَطْلُب مكانا لَيّناً لئلا يرجعَ عليه رَشاَش بَوْله‏.‏ يقال رادَ وارْتادَ واسْترادَ‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث مَعْقل بن يَسار وأخْتِه ‏(‏جاء بهامش الأصل‏:‏ في بعض النسخ‏:‏ وأخيه‏)‏ <فاسْترادَ لأمْر اللّه> أي رْجَعَ ولانَ وانْقادَ‏.‏

وفي حديث أبي هريرة <حيث يُراوِدُ عمّه أبا طالب على الإسْلاَم> أي يراجعُه ويرادِدُه‏.‏

ومنه حديث الإسراء <قال له موسى عليه السلام: قدْ واللّه رَاودْتُ بَنِى إسرائيل على أدْنَى من ذلك فتركُوه>‏.‏

وفي حديث أنْجَشَه <رُوَيدَك رِفْقاً بالقَوارِير> أي أمْهِل وتأَنَّ، وهو تَصغِير رُود‏.‏ يقال أرْودَ به إرْوَاداً‏:‏ أي رَفَقَ‏.‏ ويقال رُوَيْدَ زَيْد، وَرُيْدَك زيداً، وهي فيه مصْدرٌ مضاف‏.‏ وقد تكون صفةً نحو‏:‏ سارُوا سيراً رُويداً، وحالا نحو‏:‏ سارُوا رُوَيْدا، وهي من أسْمَاءِ الأفْعال المُتعدِّية‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث قُس‏:‏

ومَراداً لمَحشر الخلْق طُرّاً *

أي موضِعاً يُحْشر فيه الخَلْق، وهو مَفْعَل من رَادَ يَرُود، وإن ضُمَّت الميم فهو اليومُ الذي يراد أن تُحْشر فيه الخلق‏.‏

‏{‏روذس‏}‏ * لها ذكْر في الحديث، وهي اسمُ جَزِيرة بأرْض الروم‏.‏ وقد اخْتُلف في ضْبطها، فقيل هي بضم الراء وكَسْر الذال المُعْجمة‏.‏ وقيل هي بفَتْحها‏.‏ وقيل بشين معجمة‏.‏

‏{‏روز‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث مجاهد في قوله تعالى <ومنهم من يَلْمِزك في الصَّدقات>‏.‏ قال‏:‏ <يَرُوزُك ويسألُك>‏.‏ الرَّوْز‏:‏ الامْتِحان والتقدير‏.‏ يقال رُزْتُ ما عند فُلان إذا اخْتَبَرته وامْتَحَنْته، المعنى يَمْتَحِنُك ويذُوق أمْرك هل تخافُ لائمتُه إذا منعتَه منه أم لا‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث البراق <فاسْتَصْعب فرَازه جبريلُ عليه السلام بأُذنه> أي اخْتَبره‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <كان رَازُ سفينة نوح عليه السلام جبريلَ> الرازُ‏:‏ رَأس البَنَّائِين، أرادَ أنَّه كان رأس مُدَبِّرِي السَّفِينة، وهو من رَاز يَرُوز‏.‏

‏{‏روض‏}‏ * في حديث طلحة <فَتراوَضْنا حتى اصُطَرَفَ منّى> أي تَجاَذَبْنا في البيع والشراء، وهو ما يَجْري بين المُتَبايعْين من الزِّيادة والنُّقْصان، كأنّ كَلّ واحدٍ منهما يَرُوض صاحِبَه، من رِياَضة الدَّابة، وقيل هي المُواصَفَة بالسّلعة، وهو أن تَصِفها وتَمدَحها عنده‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث ابن المسيّب <أنه كره المُرَاوضَة> وهو أن تُواصف الرجُل بالسِّلعة ليْسَت عندَك، ويسمَّى بيعَ المُوَاصَفة‏.‏ وبعضُ الفقهاء يُجيزه إذا وافَقَت السّلعةُ الصّفَةَ‏.‏

‏(‏ه س‏)‏ وفي حديث أمّ معبَد <فدعا بإناءِ يُرِيضُ الرَّهْط> أي يُرْويهم بعض الرّى، من أرَاضَ الحوضَ إذا صَبَّ فيه من الماء ما يُوارى أرْضه‏.‏ والرَّوضُ نحوٌ من نِصْف قِرْبة‏.‏ والرواية المشهورة فيه بالباء، وقد تقدّم‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديثها أيضا <فشَربوا حتى أراضُوا> أي شَربوا عَلَلا بعْد نَهَل، مأخوذٌ من الروضة وهو المَوضع الذي يسْتَنْقع فيه الماء‏.‏ وقيل مَعْنى أراضُوا‏:‏ صَبُّوا اللْبَنَ على اللبن‏.‏

‏{‏روع‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <إن رُوحَ القُدُس نَفَثَ في رُوعى> أي في نَفْسى وخَلَدى‏.‏ ورُوحُ القدُس‏:‏ جبريل‏.‏

‏[‏ه‏]‏ ومنه <إنّ في كل أمة مُحدَّثين ومُروَّعِين> المُروَّع‏:‏ المُلهَم، كأنه أُلقىَ في رُوعه الصَّواب‏.‏

وفي حديث الدعاء <اللهم آمِن رَوْعاَتي> هي جمعُ رَوعة، وهي المرّةُ الواحدة من الرَّوع‏:‏ الفَزَع‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث علي رضي اللّه عنه <أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بعثه لِيَدِىَ قوما قتَلهم خالدُ بن الوليد، فأعطاهم مِيلغَة الكلب، ثم أعطاهم بِرَوْعَة الخيل> يريد أنّ الخيل راعت نِساءهم وصِبْيانَهم، فأعْطَاهم شيئاً لِما أصَابهم من هَذه الرَّوْعة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما <إذا شمِط الإنسانُ في عارِضَيْه فذلك الرَّوعُ> كأنه أرد الإنذار بالموت‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <كان فَزَعٌ بالمدينة، فرَكب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فرَس أبي طلحة ليَكْشف الخَبر، فعَاد وهو يقول: لن تُرَاعوا، لَن تُراعُوا، إنْ وجَدْناه لَبَحْرا>‏.‏

ومنه حديث ابن عمر رضي اللّه عنهما <فقال له المَلكُ: لم تُرَع> أي لا فَزَع ولا خَوف‏.‏

ومنه حديث ابن عباس <فلم يَرُعْني إلاَّ رجُلٌ آخِذٌ بمَنْكِبىّ> أي لم أشعُر، وإن لم يكُنْ من لفظه، كأنه فَاجَأه بَغْتَة من غير موعد ولا مَعرفة، فراعه ذلك وأفْزَعه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث وائل بن حُجْر <إلى الأقْياَل والعَباَهِلةِ الأَرْواعُ: جمعُ رَائع، وهُمُ الحِساَن الوُجوه. وقيل هم الذين يَرُوعُون الناس، أي يُفْزِعُونهم بمنظَرِهم هَيْبةً لهم. والأوّل أوْجَه.

ومنه حديث صِفة أهل الجنة <فَيُروعُه ما عليه من اللِّباس> أي يُعْجِبه حُسْنه‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث عطاء <كان يكْرّه للمُحْرم كُل زِينّة رائعة> أي حَسَنة‏.‏ وقيل مُعْجِبة رائقة‏.‏

‏{‏روغ‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <إذا كَفى أحدَكم خادمُه طعامه فليُقْعِدْه معه، وإلا فليُرَوِّغ له لُقْمَة> أي‏:‏ يُطْعِمه لُقْمةً مشَرَّبه من دَسَم الطعام‏.‏

ومنه حديث عمر رضي اللّه عنه <أنهَ سمع بكاء صَبىّ فسأل أُمّه فقالت: إنى أُرِيغُه على الفِطاَم: أي أديرُه عليه وأُرِيده منه. يقال فلان يُرِيغُنى على أمرٍ وعن أمْرٍ: أي يُراوِدُنى ويطلبه مِنى.

ومنه حديث قس <خرجتُ أُرِيغُ بعِيرا شَرَدَ مِنّى> أي أطلبُه بكُلِّ طريق‏.‏

ومنه <رَوَغانُ الثَّعلب>‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث الأحنف <فعَدَلتُ إلى رَائِغَة من رَوائغ المَدِينة> أي طَرِيق يَعْدِل ويَمِيل عن الطريق الأعْظَم‏.‏ ومنه قوله تعالى <فراغَ عليهم ضَرْباً باليمين> أي مال عليهم وأقبلَ‏.‏

‏{‏روق‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <حتى إذا ألْقَت السماءُ بأرْوَاقِها> أي بجَمِيع ما فيها من الماء‏.‏ والأرْواقُ‏:‏ الأثقالُ، أراد مياهَها المُثْقِلة للسحاب‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفي حديث عائشة رضي اللّه عنها <ضرَب الشيطانُ رَوْقَه> الرَّوْق‏:‏ الرِّواق، وهو ما بين يَدَي البيْت‏.‏ وقيل رِوَاق البيت‏:‏ سَماوته، وهي الشُقَّة التي تكون دون العُلْيا‏.‏

ومنه حديث الدجال <فيضْرب رِواقه فيخرُج إليه كلُّ منافِق> أي فُسْطاطه وقُبَّته وموضعَ جلوسه‏.‏

وفي حديث علىّ رضي اللّه عنه‏:‏

تلْكُم قُرَيش تمَنَّانى لتَقْتُلني ** فلا وَرَبِّك ما بَرُّوا وما ظَفِرُوا

فإن هَلكْتُ فَرَهْنٌ ذِمَّتِى لَهُمُ ** بذات رَوْقَيْن لا يَعْفُو لها أثرُ

الرَّوْقَان‏:‏ تَثْنيةُ الروق وهو القَرْنُ، وأراد بها ها هنا الحَرْبَ الشديدة‏.‏ وقيل الداهية‏.‏ ويروى بذات ودْقَين، وهي الحْرب الشديدةُ أيضاً‏.‏

ومنه شعر عامر بن فُهيرة‏:‏

كالثَّور يَحْمِى أنفَه برَوْقِه *

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث ذكر الروم <فيخرُج إليهم رُوقَة المُؤُمنين> أي خِيارُهم وسَراتُهم‏.‏ وهي جمع رائق، من راقَ الشَّىءُ إذا صفاَ وخَلص‏.‏ وقد يكون للواحد، يُقاَل غُلام رُوقَة وغلمان رُوقة‏.‏

‏{‏روم‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث أبي بكر، وقيل بعض التابعين <أنه أوْصَى رجُلاً في طَهاَرته، فقال: عليك بالمغَفْلَة والمنْشَلة والرَّوم> الرَّوم‏:‏ شَحمةُ الأذن‏.‏

وفيه ذكر <بئر رومة> هي بضم الراء‏:‏ بئرٌ بالمدينة اشْتَراها عثمانُ رضي اللّه عنه وسبَّلها‏.‏

‏{‏روى‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه أنه عليه السلام <سمَّى السحاب رَوَايا البِلادِ> الرَّوايا من الإبل‏:‏ الحَواملُ للماء، واحدَتُها رَاوِية، فشبَّهها بها‏.‏ ومنه سُميت المزادة رَاوِية‏.‏ وقيل بالعَكْس‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث بَدْر <وإذا بِرَوَايا قُريش> أي إبلِهم التي كانوا يَسْتَقُون عليها‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عبد اللّه <شَرُّ الرَّوَايا رَوَايا الكَذب> هي جمع رَوِيَّة، وهي ما يُروِّى الإنسانُ في نفْسه من القول والفعل‏:‏ أي يُزَوّرُ ويُفَكِّر‏.‏ وأصلُها الهمز، يقال رَوَّأت في الأمْر‏.‏ وقيل هي جمع رَاوِية؛ للرجُل الكَثِير الرّواية، والهاء للمبالغة‏.‏ وقيل جمع راوية‏:‏ أي الذين يروُون الكَذب‏:‏ أي تَكْثُر رواياتهم فيه‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث عائشة تصف أباها رضي اللّه عنهما <واجْتَهَر دُفُنَ الرَّواء> هو بالفتح والمدِّ‏:‏ الماءُ الكَثيرُ‏.‏ وقيل العَذْب الذي فيه للوَاردين رِىّ، فإذا كسرت الراء قَصَرْته، يقال‏:‏ ماءٌ رِوًى‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث قَيْلة <إذا رأيتُ رجلا ذا رُواء طَمَح بَصَرى إليه> الرُّواءُ بالمِّ والضم‏:‏ المنْظَر الحسَن، كذا ذكَره أبو مُوسى في الراء والواو، وقال من الرِّىِّ والارتواء، وقد يكون من المَرْأَى والمَنْظَر، فيكون في الراء والهمزة‏.‏ وفيه ذكره الجوهري‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث ابن عمر رضي اللّه عنهما <كان يأخذُ مع كل فريضَةٍ عِقالاً ورِواءً> الرّواءُ بالكسر والمدِّ‏:‏ حَبْل يُقْرنُ به البَعيرَان‏.‏ وقال الأزهري‏:‏ الرواءُ‏:‏ الحبلُ الذي يُروى به على البَعِير‏:‏ أي يُشَدّ به المتاَع عليه‏.‏ فأما الحَبْل الذي يُقْرَن به البَعيرَان فهو القَرَن والقِرَان‏.‏

ومنه الحديث <ومعي إدَاوةٌ عليها خِرْقَة قد روَّأثُها> هكذا جاءَ في روايةٍ بالهمز، والصوابُ بغير همزٍ‏:‏ أي شَدَدتها بها ورَبَطتها عليها‏.‏ يقال رَوَيت البعير، مُخَفَّف الواو، إذا شَدَدت عليه بالرِّواء‏.‏

وفي حديث ابن عمر <كان يُلَبِّى بالحج يوم التَّرْوِيةِ> هو اليومُ الثامن من ذِى الحِجَّة، سُمِّى به لأنهم كانوا يَرْتَوُون فيه من الماء لِماَ بَعْده‏:‏ أي يَسْقُون ويَسْتقُون‏.‏

وفيه <ليعْقِلَنّ الدينُ من الحجاز مَعْقِلَ الأُرْوِيَّة من رأسِ الجبل> الأُروية‏:‏ الشاةُ الواحدةُ من شياه الجَبَل، وجمعُها أرْوَى‏.‏ وقيل هي أُنثى الوُعوُل وهي تُيوس الجبل‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

 باب الراء مع الهاء

‏{‏رهب‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث الدعاء <رَغبةً ورَهْبةً إليك> الرَّهبة‏:‏ الخَوفُ والفَزَع، جمع بين الرَّغْبة والرَّهبة، ثم أعْمل الرَّغبَة وحْدها‏.‏ وقد تقدّم في الرَّغْبَة‏.‏

وفي حديث رَضاَع الكبير <فَبقِيتُ سَنَةً لا أُحَدِّث بها رهْبَتَه> هكذا جاء في روايةٍ‏:‏ أي من أجْل رَهْبَته، وهو منصوبٌ على المفْعُول له، وتكرَّرت الرَّهبة في الحديث‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <لا رَهْباَنَّيةَ في الإسلام> هي من رهْبَنَة النصارى‏.‏ وأصلُها من الرَّهْبة‏:‏ الخَوفِ، كانوا يترَهَّبون بالتَّخلّى من أشْغال الدُّنْيا، وتَرْكِ مَلاَذِّها، والزُّهْد فيها، والعُزْلة عن أهْلها، وتعمُّد مشاقِّها، حتى إنّ منهم من كان يَخْصى نفسَه، ويضعُ السِّلْسِلة في عُنُقه، وغير ذلك من أنواعِ التَّعذيب، فنفاَها النبي صلى اللّه عليه وسلم عن الإسلام ونهَى المُسْلمين عنها‏.‏ والرُّهبان‏:‏ جمع رَاهب، وقد يقَع على الواحِد ويُجمع على رَهاَبين ورَهاَبين ورَهاَبِنَة‏.‏ والرهبنة فَعْلنَة، ومنه، أو فَعْلَلَة على تقدير أصْليَّة النون وزيادتها‏.‏ والرَّهْبانية منسُوبَة إلى الرَّهْبَنة بزيادة الألف‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <عليكم بالجهاَد فإنه رَهْبانَّية أُمتي> يريد أن الرُّهْبان وإن تركوا الدنيا وزَهدوا فيها وتخلَّوا عنْها، فلا تَرْك ولا زُهْد ولا تَخَلّى أكثر من بَذْل النفْس في سبيل اللّه، وكما أنه ليس عند النَّارى عملٌ أفضلُ من التَّرهُّب، ففي الإسلام لا عَملَ أفضلُ من الجهاَدِ، ولهذا قال <ذِرْوة سَنام الإسلام الجهاَدُ في سبيل اللّه>‏.‏

وفي حديث عوف بن مالك <لأنْ يَمتَلىء ما بين عاَنتِى إلى رَهَابَتِى قيحاً أحَبُّ إلىَّ من أن يَمْتَلىء شَعْرا> الرَّهاَبة بالفتح‏:‏ غُضْرُوفٌ كاللسان مُعَلق في أسْفل الصَّدرِ مُشْرف على البَطْن‏.‏ قال الخطابي‏:‏ ويُروى بالنون وهو غَلَط‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <فرأيتُ السَّكاكِين تَدُورُ بَيْن رَهاَبَتِه ومَعِدَته>‏.‏

وفي حديث بَهْز بن حكيم <إني لأسْمع الرَّاهَبة> هي الحَلةُ التي تُرْهِب‏:‏ أي تُفْزِع وتُخوِّف‏.‏ وفي رواية <أسْمعك رَاهِبا> أي خائفا‏.‏

‏{‏رهج‏}‏ * فيه <ما خالَط قلبَ امرىءٍ رَهجٌ في سبيل اللّه إلاّ حرَّم اللّه عليه النارَ> الرَّهجُ‏:‏ الغُباَر‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث آخر <من دخلَ جوفَه الرهجُ لم يدخله حرُّ النَّار>‏.‏

‏{‏رهره‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث المبعث <فشق عن قَلْبه وجىء بطَسْتٍ رَهْرَهة> قال القُتيبى‏:‏ سألت أباَ حاتم عنها فلم يَعْرِفها‏.‏ وقال‏:‏ سألتُ الأصْمَعى عنها فلم يَعْرفها‏.‏ قال القُتيِبى‏:‏ كأنه أرَاد بِطَسْتٍ رَحْرَحة بالحاءِ، وهي الوَاسِعَة، فأبدل الهاَء من الحاَء، كما قالوا مَدَهْت في مَدَحْت ‏(‏جاء في الهروي وفي الدر النثير يحكى عن الفارسي وابن الجوزي‏:‏ قال ابن الأنباري <هذا بعيد جداً، لأن الهاء لا تبدل من الحاء إلا في المواضع التي استعملت العرب فيها ذلك، ولا يقاس عليها؛ لأن الذي يجيز القياس عليها يلزم أن يبدل الحاء هاء في قولهم <رحل الرجل>‏.‏‏.‏‏.‏ وليس هذا من كلام العرب، وإنما هو <درهرهة> فأخطأ الراوى فأسقط الدال>‏.‏

والدرهرهة‏:‏ سكين معوجة الرأس‏)‏‏.‏

وقيل‏:‏ يجوزُ أن يكونَ من قَولهم جِسْم رَهْرَهة، أي أبْيَض من النَّعمة، يريد طَسْتا مُتَلألِئَة‏.‏ ويُروى بَرَهْرهة، وقد تقدَّمت في حرف الباء‏.‏

‏{‏رهس‏}‏ ‏(‏ه س‏)‏ في حديث عُبادة <وجَراثِيم العرَب تَرْتَهِس> أي تَضْطِرب في الفِتْنة‏.‏ ويُروى بالشين المُعْجمة‏:‏ أي تَصْطَكُّ قَباَئِلهم في الفِتَن‏:‏ يقال ارْتَهش الناسُ إذا وَقَعت فيهم الحرْبُ، وهما متقاَرِبان في المَعنى‏.‏ ويُروى تَرْتكِسُ‏.‏ وقد تقدم‏.‏

ومنه حديث العُرَنِّيين <عظُمَت بطُونُنا وارتَهَسَت أعْضادُنا> أي اضْطَرَبت‏.‏ ويجوز أن يكونَ بالشين والسين‏.‏

‏{‏رهش‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث قُزمان <أنه جُرح يوم أُحُد فاشتدَّت به الجراحةُ، فأخذّ سَهما فقطع به رَوَاهِشَ يديه فقتَل نفْسَه> الرَّواهِش‏:‏ أعْصابٌ في باطن الذِّرَاع، واحدُها رَاهِش‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث ابن الزبير <ورَهِيش الثَّرى عرضا> الرهيشُ من التُّراب‏:‏ المُنْثَال الذي لا يتَماسَك، من الارْتِهاشِ‏:‏ الاضْطراب‏.‏ والمْعنى لزُوم الأرض‏:‏ أي يُقاَتِلون على أرْجُلهم لئلا يُحدَّثوا أنفسهم بالفرار، فِعْل البَطل الشجاع إذا غُشِى نَزل عن دَابَّته واستَقْبل لِعَدُوّه، ويحتمل أن يكون أراد القَبْر‏:‏ أي اجعلوا غايَتكم الموتَ‏.‏

‏{‏رهص‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <إنه عليه السلام احْتجمَ وهو مُحْرم من رَهْصَة أصابتْه> أصل الرَّهْص‏:‏ أن يُصيبَ باطنَ حافر الدابة شيءٌ يوهنهُ، أو ينْزل فيه الماء من الإعْياء‏.‏ وأصل الرَّهْص‏:‏ شدةُ العصْر‏.‏

ومنه الحديث <فرَمَينا الصَّيدَ حتى رهَصْناهُ> أي أوْهَنَّاه‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث مكحول <أنه كانَ يَرْقِى من الرهصة: اللهم أنت الوَاقِى وأنتَ الباقِى وأنت الشَّافِى>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <وإن ذنْبَه لم يكن عن إرْهاَص> أي عن إصرَار وإرْصاد‏.‏ وأصله من الرَّهْص‏:‏ وهو تأسيسُ البُنْيان‏.‏

‏{‏رهط‏}‏ * في حديث ابن عمر رضي اللّه عنهما <فأيْقَظَنا ونحن ارْتهاَطٌ> أي فِرَق مُرْتَهطُون، وهو مصدرٌ أقامَه مُقَام الفِعْل، كقول الخنْساء‏:‏

وإنما هي إقْبَالٌ وإدْبارُ *

أي مُقْبلة ومُدْبرة، أو على مَعْنى ذَوِي ارْتهاطٍ‏.‏ وأصلُ الكَلِمة من الرَّهْط، وهُم عَشِيرةُ الرجُل وأهُله‏.‏ والرهط من الرجال ما دُون العَشِرة‏.‏ وقيل إلى الأرْبعين ولا تكونُ فيهم امرأةٌ، ولا واحدَ لَه من لَفظِة، ويُجمع على أرْهاط، وأرَاهِطُ جْمعُ الجمْع‏.‏

‏{‏رهف‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما <كان عامرُ بن الطفيل مرهُوفَ البدَن> أي لطيفَ الجْسم دَقيقَه‏.‏ يقال رَهفْت السيفَ وأرْهَفتُه فهو مَرْهُوف ومرهف‏:‏ أي رقَّقْت حَواشيه، وأكْثَر ما يقال مُرْهَف‏.‏

ومنه حديث ابن عمر رضي اللّه عنهما <أمرَنى رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن آتِيَه بمُدْية، فأتيتُه بها، فأرسَل بها فأُرْهِفَت> أي سُنَّت وأُخْرج حدّاها‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث صعصعة بن صُوحان <إني لأتركُ الكلام مما أُرهِف به> أي لا أركبُ البَدِيهة، ولا أقطعُ القول بشىء قبل أن أتأمَّله وأُرَوِّى فيه‏.‏ ويُرْوى بالزاي من الإزْهاف‏:‏ الاستِقْدام‏.‏

‏{‏رهق‏}‏ * فيه <إذا صلَّى أحدُكم إلى شىء فليَرْهَقْه> أي فليَدْنُ منه ولا يبعدْ عنه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث الآخر <ارْهَقوا القِبلة> أي ادْنُوا منها‏.‏

ومنه قولهم <غلام مُراهِق> أي مُقارب للحُلُم‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث موسى والخضر عليهما السلام <فلو أنه أدرك أبَوَيه أرْهَقَهما طُغيانا وكُفْرا> أي أغْشاهما وأعْجَلَهما‏.‏ يقال‏:‏ رَهِقَه بالكسر يَرْهَقه رَهَقا‏:‏ أي غَشِية، وأرْهقه أي أغْشاه إياه، وأرْهَقَنى فُلان إثماً حتى رهِقْتُه‏:‏ أي حمَّلني إثما حتى حمَّلته له‏.‏

ومنه الحديث <فإن رَهِق سيّدَه دينٌ> أي لَزِمه أداؤُه وضُيِّق عليه‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث ابن عمر <أرهَقْنا الصلاةَ ونحن نتوضأ> أي أخرْناها عن وَقتِها حتى كِدْنا نُغْشِيها ونُلحِقُها بالصلاة التي بعدها‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <إنَّ في سَيف خالدٍ رَهَقا> أي عجلة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وحديث سعد رضي اللّه عنه <كان إذا دَخل مكةَ مُراهِقا خرجَ إلى عَرَفة قبل أن يطوف بالبيت> أي إذا ضاق عليه الوقتُ بالتأخير حتى يخاف فَوْت الوُقوف، كأنه كان يَقْدَم يوم التَّرْوِية أو يوم عرفة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث علي رضي اللّه عنه <أنه وعَظَ رجلا في صُحْبة رجل في صُحْبة رجل رَهِق> أي فيه خِفَّة وحِدّة‏:‏ يقال رجل فيه رَهَقٌ إذا كان يَخِفّ إلى الشَّرِّ ويَغْشاه‏.‏ والرَّهَق‏:‏ السَّفة وغِشْيان المحارم‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث أبي وائل <أنه صلَّى على امرأة كانت تُرَهَّق> أي تُتَّهم بشَرّ‏.‏

ومنه الحديث <سَلَك رجلان مفازة، أحدهما عابِدٌ والآخر به رَهَق>‏.‏

‏(‏س‏)‏ والحديث الآخر <فلان مُرهَّق> أي مُتَّهم بسوء وسفَه‏.‏ ويروى مرهِّق أي ذو رَهَق‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <حسْبُك من الرَّهَق والجفَاء أن لا يُعْرَف بيتُك> الرهَق ها هنا‏:‏ الحُمق والجهل، أراد حسبُك من هذا الخُلُق أن يُجْهل بيتُك ولا يُعْرف، يريدُ أن لا تدعُوا أحدا إلى طعامِك فيعرف بيتك، وذلك أنه كان اشترى منه إزاراً فقال للوزَّان‏:‏ زنْ وأرْجِح، فقال‏:‏ مَن هذا‏؟‏ فقال المسئولُ‏:‏ حَسْبُك جهْلا أن لا يُعْرف بيتُك‏.‏ هكذا ذكره الهروي، وهو وهم، وإنما هو حسْبك من الرهق والجفاء أن لا تَعْرف نبيَّك‏:‏ أي أنه لمَّا سأل عنه حيث قال زِنْ وأرْجِح لم يكن يعرفه، فقال له المسئولُ‏:‏ حسبُك جَهْلا أن لا تَعْرِف نبيَّك، على أنِّى رأيتُه في بعضِ نسخِ الهرَوى مُصْلَحا ‏(‏وهو كذلك في نسخته التي بأيدينا‏)‏، ولم يَذْكر فيه التعليل بالطعام والدُعاء إلى البيت‏.‏

‏{‏رهك‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث المتشاحِنْين <ارْهِك هذَين حتى يَصْطلحا> أي كَلِّفْهما وألْزِمْهما، من رَهكْتُ الدابة إذا حَمَلْتَ عليها في السَّير وجَهَدْتَها‏.‏

‏{‏رهم‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث طَهْفة <ونَسْتَخِيل الرِّهام> هي الأمطارُ الضعيفة، واحدتُها رِهْمة‏.‏ وقيل الرِهمة أشدُّ وَقْعا من الدِيمة‏.‏

‏{‏رهمس‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث الحجاج <أمِنْ أهل الرَّسّ والرَّهْمَسة [أنت] (زيادة من الهروي)؟ > هي المُسارَرة في إثارة الفِتنة وشَقِّ العصابَين المسلمين‏.‏

‏{‏رهن‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <كل غُلام رَهِينة بعَقيقته> الرَّهينة‏:‏ الرَّهْن، والهاءُ للمبالغة، كالشَّتِيمة والشتْم، ثم استُعْمِلا بمعنى المَرْهُون، فقيل هو رَهْن بكذا، ورَهِينَة بكذا‏.‏ ومعنى قوله رهينة بعقَيِقته أن العقَيِقَة لازِمةٌ له لابُدَّ منها، فشبّهه في لُزومها له وعَدم انْفِكاكه منها بالرَّهن في يَدِ المُرْتَهن‏.‏

قال الخطابي‏:‏ تكلَّم الناسُ في هذا، وأجْودُ ما قيل فيه ما ذَهب إليه أحمدُ بن حنْبَل‏.‏ قال‏:‏ هذا في الشفاعَةِ، يريدُ أنه إذا لم يُعَقَّ عنه فمات طِفلا لم يَشْفَع في والدَيه‏.‏ وقيل معناه أنه مَرهون بأذَى شَعَره، واستدَلُّوا بقوله‏:‏ فأمِيطُوا عنه الأذَى، وهو ما عَلق به من دَم الرَّحِم ‏(‏في الدر النثير‏:‏ وقال ابن الجوزى في حديث أم معبد <فغادرها رهنا> أي خلف الشاة عندها مرتهنة بأن تدر‏)‏‏.‏

‏{‏رها‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <نهِى أن يُباعَ رَهْو(في الهروي: <نهى أن يمنع رهو الماء> وفي اللسان‏:‏ <نهى أن يباع رهو الماء أو يمنع>‏)‏ الماء> أراد مُجْتَمَعَهُ، سُمّى رَهْوا باسم الموضِع الذي هو فيه لاْنخِفاضِه‏.‏ والرَّهْوة‏:‏ الموضعُ الذي تَسِيل إليه مياهُ القوم‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <سُئل عن غَطَفان فقال: رَهْوةٌ تنبُع ماء> الرَّهوةُ تقع على المُرْتفع كما تقَع على المُنْخفِض، أراد أنَّهم جبل يَنبع منه المْاَء، وأن فيهم خُشونة وتوَعُّراً‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <لا شُفْعةَ في فِناَءٍ، ولا مَنْقَبة، ولا طَرِيقٍ، ولا رُكْحٍ، ولا رَهْو> أي أنَّ المُشارِك في هذه الأشياء الخَمْسة لا تكون له شُفْعة إن لم يكن شَريكا في الدَّارِ والمنزل التي هذه الأشْياءُ من حُقُوقِها، فإنَّ واحداً من هذه الأشياء لا يُوجبُ له شُفْعة ‏(‏وهذا قول أهل المدينة، لأنهم لا يوجبون الشفعة إلا للشريك المخالط‏.‏ قاله الهروي‏)‏‏.‏

وفي حديث علي رضي اللّه عنه يَصِفُ السماء <ونَظم رَهوَاتِ فُرَجِها> أي المَواضعَ المُتفتِّحَة منها، وهي جمع رَهْوة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث رافع بن خَديج <أنه اشْترى بَعِيراً من رجُل ببَعِيرَين، فأعطاهُ أحدَهما وقال: آتِيك بالآخَرِ غداً رَهوا> أي عَفْوا سَهلا لا احْتباسَ فيه‏.‏ يقال‏:‏ جاءت الخيل رهوا‏:‏ أي مُتتابعة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث ابن مسعود رضي اللّه عنه <إذْ مَرَّت به عَنَانةٌ تَرَهْيَأتْ> أي سحابةٌ تهيَّأتْ للمَطرِ، فهي تريده ولم تَفْعل‏.‏

 باب الراء مع الياء

‏{‏ريب‏}‏ * قد تكرر في الحديث ذكرُ <الرَّيْب> وهو بمْعنى الشَّكِّ‏.‏ وقيل هو الشِّك مع التُّهمة‏.‏ يقال رابَنى الشَّىءُ وأرابَنِى بمعْنى شكَّكَنى‏.‏ وقيل أرَابَنى في كذا أي شكَّكَنى وأوهمنى الرّيبَةَ فيه، فإذا اسْتَيْقَنْته قلتَ رَابَنى بغير ألف ‏(‏أنشد الهروي‏:‏

أخوكَ الذي إن رِبْتَه قال إنَّما ** أرَبْتَ، وإن عاتَبتَه لانَ جانِبُه

أي إن أصبته بحادث قال أربت‏:‏ أي أوهمت، ولم تحقق على سبيل المقاربة‏)‏‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <دَعْ ما يُرِيُبك إلى ما لا يُرِيُبك> يُرْوى بفتح الياء وضمها‏:‏ أي دعْ ما تشُكُّ فيه إلى ما لا تَشُكُّ فيه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث عمر رضي اللّه عنه <مكْسَبةٌ فيها بعضُ الرِّيبَة خيرٌ من المسْئَلة> أي كسْبٌ فيه بعضُ الشَّك أحَلالٌ هو أمْ حَرَام خيرٌ من سُؤَال الناس‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث أبي بكر <قال لعُمر رضي اللّه عنهما: عليك بالرّائِب من الأمُور، وإياكَ والرَّائبَ منها> الرائبُ من اللَّبن‏:‏ ما مُخِض وأُخِذ زُبْدُه، المعنى‏:‏ عليك بالذي لا شُبْهةَ فيه، كالرائب من الأَلبان وهو الصَّافي الذي ليس فيه شُبْهة ولا كَدَر، وإياك والرائبَ منها‏:‏ أي الأمْر الذي فيه شُبْهة وكَدَر‏.‏ وقيل اللّبن إذا أدْرك وخَثَر فهو رائب وإن كان فيه زَبدُه، وكذلك إذا أخْرج منه زُبْده، فهو رائب أيضا‏.‏ وقيل إنَّ الأولَ من رابَ اللبنُ يروبُ فهو رائبٌ، والثاني من رَاب يَرِيب إذَا وقَع في الشَّك‏:‏ أي عليكَ بالصّافِي من الأمُور ودَع المُشْتَبة منها‏.‏

وفيه <إذا ابْتَغى الأميرُ الرّيبةَ في الناسِ أفْسَدَهم> أي إذا اتّهَمَهم وجاهَرَهم بسُوءِ الظَّن فيهم أدَّاهم ذلك إلى ارْتِكاب ما ظَنَّ بهم فَفَسدوا‏.‏

وفي حديث فاطمة رضي اللّه عنها <يُرِيبُنى ما يُرِيُبها> أي يَسوءُنى ما يَسُءُها، ويُزْعجنى ما يُزْعجها‏.‏ يقال رابَنى هذا الأمرُ، وأَرابَنى إذا رأيتَ منه ما تكْره‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث الظَّبْى الحَاقفِ <لا يَرِيبُه أحّدٌ بشىء> أي لا يتَعرَّضُ له ويزْعجُه‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <إنّ اليهودَ مرُّوا برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقال بعضُهم: سَلُوه. وقال بعضهم: ما رَابُكُم إليه> أي ما إرْبُكم وحاجَتُكم إلى سُؤَاله‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث ابن مسعود <ما رَابُكَ إلى قَطْعِها> قال الخطَّابى‏:‏ هكذا يَرْوُونه، يعني بضم الباء، وإنما وجهُه ما إرْبُك إلى قطْعها‏:‏ أي ما حاجَتُك إليه‏.‏ قال أبو موسى‏:‏ ويَحتمل أن يكون الصَّوابُ‏:‏ ما رَابَكَ إليه بفتح الباء‏:‏ أي ما أقْلقَكَ وألجأَك إليه‏.‏ وهكذا يرويه بعضهم‏.‏

‏{‏ريث‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث الاسْتِسْقاء <عَجِلاً غير رَائثٍ> أي غيرَ بَطىء مُتأخِّر‏.‏ رَاثَ علينا خَبرُ فلان يَرِيث إذا أبْطأَ‏.‏

ومنه الحديث <وَعَد جبريلُ عليه السلام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يأتِيَه فَراث عليه>‏.‏

والحديث الآخر <كان إذا اسْتَراثَ الخبر تمثَّل بقول طَرَفة.

ويأتِيكَ بالأخبارِ من لم تُزَوِّدِ (صدره:

ستُبْدِي لكَ الأيامُ مَا كُنْتَ جاهلاً*)*

هو اسْتفْعل من الرَّيْثِ. وقد تكرَّر في الحديث.

(س) ومنه <فلم يَلْبَثْ إلا رَيْثَما> قلت‏:‏ أي إلا قَدْرَ ذلك‏.‏ وقد يُسْتَعْمَل بغير ما ولا أن، كقوله‏:‏

لا يَصْعُبُ الأمْرُ إَّلا رَيْثَ تركَبُهُ ‏(‏هو لأعشى باهلة، كما في اللسان، وتمامه‏:‏

وكلُّ أمرٍ سِوَى الفَحْشاَءِ يأتمِرُ*‏)‏*

وهي لُغَةٌ فاشِيَةٌ في الحجاز، يقولون‏:‏ يريد يَفْعَل، أي أن يفعَل، وما أكثَر ما رأيتُها وَارِدَةً في كلام الشافعي رحمة اللّه عليه‏.‏

‏{‏ريح‏}‏ * قد تكرر ذكر <الرّيح والرّياح> في الحديث‏.‏ وأصلُها الواوُ، وقد تقدَّم ذكرُها فيه فلم نُعِدْها ها هنا وإن كان لفَظُها يَقْتضيه‏.‏

‏{‏ريحان‏}‏ * فيه <إنكم لتُبَخِّلُون وتُجَهِّلون وتُجَبِّنون، وإنَّكم لمن ريْحانِ اللّه> يعنى الأوْلاَدَ‏.‏ والرَّيحانُ‏:‏ يُطلقُ على الرَّحمة والرّزق والرَّاحة، وبالرّزق سُمّي الولدُ رَيْحانا‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <قال لعلي رضي اللّه عنه: أُوصيكَ برَيحانَتىَّ خيراً في الدنيا قبل أنّ ينْهدَّ رُكْناَك> فلمَّا مات رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ هذا أحدُ الرُّكْنَين، فلمَّا ماتَت فاطمةُ رضي اللّه عنها قال‏:‏ هذا الرُّكن الآخر‏.‏ وأراد برَيحانَتَيه الحسنَ والحُسينَ رضي اللّه عنهما‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <إذا أُعْطى أحَدُكم الرَّيحانَ فلا يرُدَّه> هو كل نَبْت طَيِّب الرّشيح من أنْواع المشْمُوم‏.‏

‏{‏ريد‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث عبد اللّه <إنَّ الشيطانَ يُريد ابن آدَم بكل رِيدَة> أي بكُل مَطْلب ومُرَاد‏.‏ يُقالُ‏:‏ أرَاد يُريد إرَادَة‏.‏ والرِّيدة‏:‏ الاسمُ من الإرَادَة‏.‏ قالوا‏:‏ أصلُها الواو‏.‏ وإنما ذُكرت ها هنا لِلَفْظها‏.‏

وفيه ذكر <رَيْدَان> بفتح الراء وسكون الياء‏:‏ أُطُم من آطاَم المدينة لآلِ حارِثةَ ابن سهل‏.‏

‏{‏رير‏}‏ ‏(‏س‏[‏ه‏]‏‏)‏ في خديث خزيمة وذكر السَّنَة، فقال‏:‏ <تَركَت المُخَّ راراً> أي ذَائِباً رَقِيقا؛ للهُزال وشِدَّة الجَدْب‏.‏

‏{‏ريش‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث على <أنه اشْتَرى قميصاً بثَلاثَة دَراهم وقال: الحمدُ للّه الذي هذا من رِياَشِه> الرّياشُ والرِّيشُ‏:‏ ما ظهَر من اللِّباس، كاللِّبْس واللِّباس‏.‏ وقيل الرِّياشُ جمعُ الريش‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديثه الآخر <أنه كان يُفضِل على امْراةٍ مُؤْمَنَةٍ من رِياشِه> أي ممَّا يَسْتَفيده‏.‏ ويَقع الرّياش على الخِصْب والمَعاشِ والمَالِ المُسْتفاد‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث عائشة تَسفُ أباها رضي اللّه عنهما <يَفُكُّ عانِيَها ويَرِيش مُمْلقِها> أي يكْسُوه ويُعينُه، وأصله من الرّيش، كأنّ الفقير المُمْلِق لا نُهوضَ به كالمقْصوص الجَناح‏.‏

يقال راشَه يَريشُه إذا أحسَن إليه‏.‏ وكلُّ من أوْلَيْتَه خْيراً فقد رِشْتَه‏.‏

ومنه الحديث <إنّ رجُلا راشَه اللّه مالاً> أي أعطاه‏.‏

ومنه حديث أبي بكر والنَّسَّابة‏:‏

الرائِشون وليس يُعْرَف رائِشٌ ** والقائِلون هَلُمَّ للأضْياف

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث عمر رضي اللّه عنه <قال لجرير بن عبد اللّه. وقد جاءه من الكُوفة: أخْبِرني عن الناس، فقال: هُم كَسِهام الجَعْبة، منها القائِم الرائش> أي ذُو الريش، إشارة إلى كمالِه وإسْتِقامتِه‏.‏

ومنه حديث أبي جُحَيفة <أَبْرى النَّبْلَ وأرِيشُها> أي أنْحتُها وأعْمَل لها رِيشاً‏.‏ يقال منه‏:‏ رِشْت السَّهم أرِيشُه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <لَعن اللّه الراشِيَ والمُرْتَشِيَ والرائش> الرّائِشُ‏:‏ الذي يَسْعى بين الراشي والمُرْتِشي ليَقْضِيَ أَمْرَهما‏.‏

‏{‏ريط‏}‏ ‏[‏ه‏]‏ في حديث حذيفة رضي اللّه عنه <ابْتاعُوا لي رَيطَتَين نقِيَّتين> وفي رواية <إنه أُتى بكَفَنه رَيْطَتين فقال: الحيُّ أحوجُ إلى الجديد من المّيت> كل مُلاءة ليست بِلِفْقَين‏.‏ وقيل كل ثوبٍ رقيق لَيِّن‏.‏ والجمع رَيْطٌ ورِياط‏.‏

ومنه حديث أبي سعيد في ذكْر الموت <ومع كل واحد منهم رَيطةٌ من رِياط الجنة> وقد تكررت في الحديث‏.‏

ومنه حديث ابن عمر <أُتِى برائطة فتَمنْدل بعد الطعام(رواية الهروي: <أتى عمر برائطه يتمندل بها بعد الطعام فكرهها> وفي اللسان <فطرحها> وأخرجه من حديث ابن عمر‏)‏ بها> قال سُفيان‏:‏ يعنى بمنْدِيل‏.‏ وأصحابُ العربية يقولون رَيْطة‏.‏

‏{‏ريع‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث عمر رضي اللّه عنه <امْلكُوا العَجين فإنه أحد الرَّيْعَين> الرَّيع‏:‏ الزيادةُ والنمَّاءُ على الأصل، يُريد زِيادة الدَقيق عند الطَّحن على كَيل الحِنطة، وعند الخَبز على الدَّقيق‏.‏ والمَلْكُ والإمْلاك‏:‏ إحْكام العَجن وإجادتُه‏.‏

ومنه حديث ابن عباس في كفَّارة اليمين <لكل مِسْكين مُدُّ حِنْطة رَيْعُه إدامُه> أي لا يلزمُه مع المُدِّ إدامٌ، وأن الزيادة التي تحصُل من دَقيق المُدِّ إذا طحنَه يشْتَري به الإدام‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث جرير <وماؤُنا يَرِيع> أي يَعود ويَرجع‏.‏

‏[‏ه‏]‏ ومنه حديث الحسن في الَقْىء <إن راع منه شىءٌ إلى جَوفه فقد أفْطر> أي إن رجَع‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث هشام في صفة ناقة <إنها لَمِرْياعٌ مِسياعٌ> أي يُسافَر عليها ويُعاد‏.‏

وفيه ذكر <رائعة> هو موضعٌ بمكة به قبرُ آمنة أمّ النبي صلى اللّه عليه وسلم في قول‏.‏

‏{‏ريف‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <تُفْتح الأرْيافُ فيخرج إليها الناسُ> هي جمع رْيفٍ، وهو كل أرض فيها زرع ونخلٌ‏.‏ وقيل هو ما قارب الماء من أرض العرب ومن غيرِها‏.‏

ومنه حديث العُرَنِيِّين <كنَّا أهلَ ضَرْع ولم نكن أهلَ رِيفٍ> أي إنَّا من أهل البادِية لا مِن أهل المُدُن‏.‏

ومنه حديث فَرْوة بن مُسَيْك <وهي أرضُ رِيفنا ومِيرَتِنا>‏.‏

‏{‏ريق‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث علي رضي اللّه عنه <فإذا بِرَيْق سيفٍ من ورائي> هكذا يُرْوى بكسر الباء وفتح الراء، من رَاق السرابُ إذا لمع، ولو رُوى بفتحها على أنها أصلية من البَريق لكان وجها بيِّنا‏.‏ قال الواقَدي‏:‏ لم أسمع أحداً إلا يقول بِرَيْق سيفٍ من ورائي، يعني بكسر الباء وفتح الراء‏.‏

‏{‏ريم‏}‏ ‏[‏ه‏]‏ فيه <قال للعباس رضي اللّه عنه: لا تَرِم من مَنْزِلك غداً أنت وبنُوك> أي لا تَبْرَح‏.‏ يقال‏:‏ رَام يَرِيم إذا بَرحَ وَزالَ من مكانه، وأكثر ما يُسْتعمل في النَّفي‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <فوالْكَعْبة ما رَاموا> أي ما بَرِحوا‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

وفيه ذكر <رِيم> هو بكسر الراء‏:‏ اسمُ موضِع قَرِيب من المدينة‏.‏

‏{‏رين‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث عمر <قال عن أُسَيفِع جُهَينة: أصْبح قَدْ رِينَ به> أي أحاط الدَّيْن بمالِه‏.‏ يقال رِين بالرجُل رَيْناً إذا وقضع فيما لا يَسْتَطِيع الخُرُوجَ منه‏.‏ وأصل الرَّين‏:‏ الطَّبْع التَّغْطية‏.‏ ومنه قوله تعالى <كلاَّ بل رَان على قلوبهم> أي طَبَع وخَتمَ‏.‏

ومنه حديث علي <لتَعْلم أَيُّنا المَرين على قَلْبه، والمُغَطَّى على بَصَره> المَرِين‏:‏ المفْعُول به الرَّين‏.‏

‏[‏ه‏]‏ ومنه حديث مجاهد في قوله تعالى <وأحاَطَت به خَطِيئتُه> قال‏:‏ هو الرَّانُ> الرَّان والرَّيْن سواء، كالذَّامِ والذَّيْم، والعاَبِ والعَيبِ‏.‏

وفيه <إنَّ الصُّيَّام يَدخُلون الجنةَ من باب الرَّيّان> قال الحربى‏:‏ إن كانَ هذا اسماً للباب، وإلا فهُو من الرَّواء، وهو الماء الذي يُرْوِى‏.‏ يقال رَوِى يَرْوَى فهو رَيّان، وامرأةٌ ريَّا‏.‏ فالرّيان فَعْلان من الرَّيّ، والألفُ والنونُ زائدتاَن، مثلْهُما في عَطْشان، فيكون من باب رَيا لا رَينَ‏.‏ والمعنى أن الصُّيَّام بتْعطِيشِهم أنْفُسَهم في الدُّنيا يدخُلون من باب الريان ليَأمَنوا من العَطَش قبل تَمكّنهم في الجنة‏.‏

‏{‏ريهقان‏}‏ ‏(‏ه س‏)‏ في حديث عمر <خرَج علينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وعليه قَميصٌ مَصْبُوغ بالرَّيْهُقَان> هو الزّعْفران، والياءُ والألفُ والنونُ زوائد‏.‏

‏{‏ريا‏}‏ * في حديث خيبر <سأُعْطي الراية غداً رجُلا يُحِبه اللّهُ عز وجل ورسُولُه> الراية ها هنا‏:‏ العَلَم‏.‏ يقال ريَّيْت الراية‏:‏ أي ركّزْتها‏.‏ وقد تكرر ذكرها في الحديث‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <الدَّين رايةُ اللّه في الأرض يجعَلُها في عُنُق من أذَلّه> الرَّاية‏:‏ حَديدةٌ مستديرةٌ على قَدرِ العُنُق تُجعَل فيه‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث قتادة في العبد الآبق <كَرِه له الرايةَ ورخّصَ في القَيد.